آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:09 م

ما هو الحدس، وهل ينبغي لك أن تثق به؟

عدنان أحمد الحاجي *

ما هو الحدس، وهل ينبغي لك أن تثق به؟
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
What Is a Gut Feeling، and Should You Trust it?
July 7,2019

الحدس، الذي يعتمد عليه معظم الناس بشكل كبير، ضبابي إلى حد ما وغامض وغير واضح المعالم. فمن أين أتى؟ وما الذي جعله مؤثرًًا؟ وما الذي يعرفه ”حدسك“ ولا يعرفه دماغك؟

نحن نميل إلى الحديث عن الاثنين ككيانين منفصلين ومتباينين في كثير من الأحيان، لكن تفكيرك العقلاني وحدسك مرتبطان بشكل وثيق أكثر مما ربما تدرك. في الواقع، يعتبر الأول «التفكيرالعقلاني» أداة للأخير «الحدس»: يستخدم حدسك المعلومات التي حصل عليها عقلك بالفعل. «وفي ذلك، يختلف عن الغريزة، وهي استجابة متأصلة لخطر حقيقي أو متصور».

إحدى الأوراق البحثية التي استُشهد بها على نطاق واسع وصفت الحدس بأنه ”أحكام مشحونة بالوجدان منبثقة من ارتباطات سريعة لا شعورية وشمولية“ - وبعبارة أخرى، قرارات مشوبة بالإحساس بالمشاعر، وكلاهما يعمل في اللاشعور «العقل الباطن» لتوجيهك في اتجاه معين.

هذا لا يعني أن الأحكام «الأراء» الناتجة هي بالضرورة أحكام جيدة. يقول جيرارد هودجكينسون Gerard Hodgkinson، برفسور الإدارة الإستراتيجية والعلوم السلوكية في كلية مانشستر اللاّينس للأعمال Alliance Manchester Business School: ”أحد المخاطر هو أنه يمكن أن يكون لدينا حدس أو أحاسيس زائفة أو شعور بالاقتناع بأننا نملك معلومات معينة لكن لا نستطيع تذكرها في الوقت «كأن نقول ان الشيء الفلاني على طرف لساني لكن لا أستطيع تذكره» يبدو مضللاً“. صديقتك تصرفت بغرابة في الآونة الأخيرة، ولذلك ظننت أنها مستاءة منك، حتى لو لم تعرف السبب «لكنها هي ليست مستاءة منك». تشعر بالضياع «بالتيهان» قليلاً أثناء إجازتك، لكنك مقتنع بأن فندقك يقع على بعد بضع بنايات بهذا الإتجاه. «ولكنه ليس كذلك.» لديك شعور رائع بشأن موظف جديد محتمل ستوظفه، لذلك تمنحه الوظيفة مع الثقة بأنه سيكون أداؤه في العمل أداءًا رائعًا. «ولكنه ليس كذلك».

للحصول على إحساس أكثر موضوعية عن كيف يميل حدسك بالتكشف، يوصي عالم النفس دانييل سيمونز، البرفسور في جامعة إلينوي والمؤلف المشارك لكتاب الغورلا الخفية: والطرق الأخرى التي يخدعنا «يضللنا» بها حدسنا The Invisible Gorilla: And Other Ways Our Intuitions Deceives Us بطرح سؤالين: ”الأول هو، هل سيؤدي بك حدسك إلى مشاكل أم لا؟“ والثاني هو ”هل حدسك دقيق، [أو] هل يعكس حدسك ما يجري حولك بشكل فعال؟“

في بعض الحالات، قد لا يكون حدسك دقيقًا، ولكنه قد يبقيك آمنًا - على سبيل المثال، تشاهد شخصًا مصابًا بالغثيان في أحد المطاعم، وتفترض أن ذلك بسبب ما أكله من طعام، وتقرر ترك الطاولة قبل أن تطلب طعامًا.

يقول سيمونز: ”ترى تلازمًا بين هذين الأمرين، لكن هذا لا يعني أن هناك علاقة سببية“. ومع ذلك، فإن الشعور الحدسي بأنك لا ترغب في تناول الطعام في هذا المطعم هو رد فعل مبالغ فيه في أسوأ الأحوال - ويمكن أن يحافظ على سلامتك بالفعل. ”لذا فإن ثقتك في حدسك هناك، حتى لو لم تكن دقيقة، قد تكون الشيء الصحيح الذي كان ينبغي عليك فعله.“

على الجانب الآخر، اعتمادك بشكل متكرر على حدسك، دون أن تتوقف وتقيّم دقته، يمكن أن يتراكم ويتحول إلى رؤية منحرفة عن المحيط من حولك. قبل أن تتصرف على أساس الشعور الحدسي، من المفيد أن تسأل نفسك بعض الأسئلة - حول حالتك الذهنية وخبرتك والوضع الحالي - لإستنطاق ما إذا كان حدسك يرشدك بشكل صحيح.

كم مقدار الوقت والمعلومات التي أملكها؟

في معظم الحالات، سيساعدك المنطق والاستدلال العقلي في تحقيق أفضل النتائج.

بشكل عام، من الأفضل لك اتباع المسار التحليلي بدلاً من اتباع حدسك الغريزي، كما يقول سيمونز. على سبيل المثال، كما لاحظ هو، لاعبو الشطرنج المحترفون الذين عليهم أن يلعبوا بسرعة كبيرة لا يزال بمقدورهم التنبؤ بشكل موثوق به بالحركات التالية التي سيتخذها الخصم، ولكن مع الوقت، ستتحسن قراراتهم بشكل كبير.

لكن ليس هناك دائمًا ما يكفي من الوقت لذلك؛ في بعض الأحيان، يتعين عليك اتخاذ قرارات بناءًا على معلومات غير كاملة وتحت ضغط الوقت. ذلك هو الوقت المناسب الذي يمكن أن يكون فيه الحدس مفيدًا - ولكن من المهم مراعاة متى تستخدمه ومتى تتجاهله.

ما مقدار خبرتي في هذه الحالة؟

المنطق هنا واضح ومباشر: كلما زادت درايتك بشيء ما، كلما أصبح حدسك حياله أفضل، ويرجع جزء كبير من ذلك لأنك بالفعل منسجم مع القرائن البيئية ذات الصلة التي قد تساعدك في اتخاذ القرار. على سبيل المثال، رجل إطفاء في منزل يحترق يصرخ في زملائه بالخروج من المنزل المحترق بسرعة، ومباشرة بعد أن يتمكن الجميع من الفرار، ينهار المنزل. كيف علم رجل الإطفاء بماذا سيحدث؟ ربما لا يستطيع التلفظ بها حينها، لكنه شعر بالحرارة تحت قدميه، والتي أوحت له أن المنزل لم يعد آمنًا.

لا يجب أن تكون التجربة رسمية أو احترافية أيضًا - فربما تكون في أول موعد مع شخص تبدو تعليقاته خطوطًا حمراء لأنها تذكرك بحبيبك «زوجك» السابق الصعب. هذه قرينة أيضًا - وقرينة مستنيرة بالتعلم من التجارب. بغض النظر عن السياق، تفاعلاتك وانطباعاتك اليومية تساعدك على تعلم التعرف على الأنماط «الاتجاهات» في العالم من حولك. إذا كان لديك حدس، ففكر مرة أخرى حين كنت في موقف مشابه، وماذا فعلت، وكيف كانت النتيجة، وكيف تعارض هذا القرار مع ما تشعر به الآن أنك مجبور على فعله.

من ناحية أخرى، إذا كان لديك حدس لا يبدو أنه مبني على أي تجربة سابقة، فقد لا يستحق أن تأخذه على محمل الجد.

هل أنا أخلط بين الحدس والتنميط «2»؟

حتى لو كان حدسك مرتكزًا على شيء سابق، فربما لا يزال هذا الشيء يوجهك في طريق ضار. لو تُرك الحدس دون ضابطة، فيمكن أن يكون أساسًا للعنصرية والتمييز على أساس الجنس وكراهية الأجانب، مما يسمح للشعور بالإنتماء إلى القبيلة أو إلى الجماعة بالانتصار على التفكير الأكثر انفتاحًا. دعنا نعود مرة أخرى إلى سيناريو المواعدة الأولى: لو خرجت مع شخص من نفس العرق أو الديانة كالحبيب / الزوج السابق الصعب المذكور أعلاه، على سبيل المثال، خذ لحظة لتفكر بشكل نقدي حول ما إذا كانت تلك الرابطة هي سبب شكوكك، كما

يقول سايمونز.

”لأن [رد الفعل الحدسي] يبدو أنه صحيح فقط، لا يعني أنه كذلك“. نظرًا لأن حدسنا يرتكز على تجاربنا، فلن يكون حدسنا دقيقًا لو كانت تجاربنا منحرفة. وكبشر، نحن بشكل عام سيئوون في إدراك حدودنا أو بالإحساس بمدى عدم معرفتنا.

بماذا اشعر به الآن؟

الحدس والشعور غير قابلين للإنفصال عن بعضهما. فقط فكر في اللغة التي نستخدمها لوصف الحدس: ”لدي احساس سيء حيال هذا“، أو ”أشعر بالرضا حيال ذلك.“

هذا هو السبب في أنه من المفيد أن تكون على دراية بحالتك الشعورية عندما تكون على وشك أن تتخذ خيارًا. اسأل نفسك: كيف أشعر الآن؟ كيف يمكن أن تؤثر هذه المشاعر على تصوري للوضع؟ على سبيل المثال، عندما تكون متوترًا بشأن فرصة عمل جديدة، فهل هذا لأنك قلق من أنك لن تكون مناسبًا لها؟ أم أن هناك شيئًا آخر يجعلك مترددًا؟

”نحيا ونموت بالأحكام «بالآراء» التي نصدرها. ولكن يمكننا على الأقل أن نضع مشاعرنا في الاعتبار في قراراتنا، لا أن نحاول قمعها، مما يعني أن لدينا معلومات كاملة على الطاولة“. هودجكينسون Hodgkinson يقول. ”نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نتجادل مع مشاعرنا.“

هل هناك ناس آخرون يمكن إشراكهم في اتخاذ القرار؟

في بعض الأحيان، بغض النظر عما يخبرك به حدسك، الخيارات ينبغي أن تؤخذ من قبل الفريق كفريق واحد. لنفترض أن ممرضة في المستشفى لديها احساس أن مريضًا ما، لا تظهر عليه أعراض خارجية، ولكنه لا يزال في حالة سيئة. لدى هذه الممرضة الآن خياران: إما أن تتصرف بمفردها، أو تثير مخاوفها لدى آخرين مشاركين في تقديم الرعاية للمريض. مع الخيار هذا الأخير، قد يعرف الطبيب المشرف على الحالة حالة موجودة مسبقًا تخفف من قلق الممرضة، أو ربما يؤكد أحد الأخصائيين حدسها أن هناك شيئًا ما ليس على ما يرام. في أي حالة من كلتا الحالتين، يمكن أن يكون إشراك الآخرين في القرار بمثابة إجراء من اجراءات مراقبة الجودة، مما يساعد على تجنب الحدس بناءًا على المعلومات الرديئة.

مقارنة قراراتك البديهية مع قرارات آخرين يمكن أن تساعدك في إدراك أن حدسك غير معصوم من الخطأ في الواقع. كما يقول سايمونز: ”لا يمكننا [دائمًا] أن نقول اعتمادًا على المعلومات التي حصلنا عليها ما إذا كان هناك نمط «اتجاه»“. ”نحن لا نشعر مطلقًا بكل ما يحدث حولنا.“ لكن دمج مقتطفات المعلومات التي لديك مع ما استخلصه آخرون يمكن أن يخلق صورة أشمل.

مصادر من داخل وخارج النص

1 - https://journals.aom.org/doi/10,5465/amr.2007,23463682

2 - ”الصورة النمطية أو القالب النمطي «وأحيانا تستخدم النمطية» تعني الحكم الصادر لوجود فكرة مسبقة في شيوع فكرة معنية عن فئة معينة، فيقوم المدعي بإلباسها صفة العمومية أو فكرة مسبقة تلقي صفات معينة على كل أفراد طبقة أو مجموعة واشتق منهما فعل فقيل التنميط والقولبة.. التفكير النمطي هو التفكير الذي يتبعه الشخص أو الأشخاص اعتمادا على الأفكار الجاهزة «يمكن إرجاعها إلى عادات وتقاليد وموروثات ثقافية ودينية». فالأصولية والسلفية هي نماذج للتفكير النمطي وقد استخدمت عن الغرب للإشارة إلى المسيحيين «في أوروبا وأميركا» المتشددين الذين يؤكدون على تطبيق الكتاب المقدس حرفيا، وذلك قبل أن يوصف بها المجتمعات والحركات الإسلامية. أيضا المقلدون هم نماذج للتفكير النمطي لأنهم يتبعون نهجا معينا بشكل تكراري دون الغوص في مبرراته. هناك نوعية جديدة من التفكير النمطي وهي التأثر بالأفكار والمبادئ والإيمان بها «تولد قناعة» فمن ينتمي إلى حزب ويؤمن بأهدافه هو نمطي التفكير.“ اقتبسناه من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/صورة_نمطية#cite_note-3

المصدر الرئيس

https://productivityhub.org/2019/07/07/what-is-a-gut-feeling-and-should-you-trust-i