آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

القراءة والتمكين

يوسف أحمد الحسن *

يعني التمكين «empowerment» زيادة قدرة الأفراد أو الجماعات على اتخاذ خيارات وإجراءات في مجالات متنوعة مثل الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها ما يؤدي إلى خلق درجة من الاستقلال الذاتي والمشاركة المدنية. وبعبارة أخرى هو عملية رفع قدرات الأفراد لاتخاذ الخيارات الأفضل وتحويل تلك الخيارات إلى إجراءات يراد تحقيقها.

ورغم أن لفظة التمكين ليست جديدة فقد ذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى: «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» الحج - 41، وفي قوله تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ» الأعراف - 10، إلا أنها ازهرت في القرن الماضي مع استخدامها بمدلولات متطورة تتضمن أبعادا تنموية واجتماعية متطورة، كما ارتبط المصطلح في عصرنا الحاضر بعالم الاجتماع الأمريكي جوليان رابابورت.

ولأن المعرفة تعتبر أحد أهم مقومات التمكين الحقيقي فإن القراءة هي أهم مقومات وأدوات المعرفة والتي بدورها تمنح القوة لمكتسبها.. قراءة «وتدرب» فمعرفة أوسع فقوة فتمكين فتحقيق أهداف. وهي بذلك تحقق المثل القائل «بدل أن تعطيني سمكة علمني الصيد» لأن ذلك يحقق الاستقلال الذاتي المطلوب في التمكين، أو كما قال الحكيم الصيني «كيواه تزو» في القرن الخامس قبل الميلاد «إذا كنت تخطط لسنة فاغرس بذرة وإذا كنت تخطط لعشر سنوات فازرع شجرة، أما إذا كنت تخطط لمائة عام فعلّم إنساناً». ذلك أن رأس المال البشري الذي يتمثل في المعرفة والمهارات والقدرات والخبرات الذاتية هي الثروة الحقيقية التي تتفوق على قيمة الأصول المادية التي يمكن تعويضها بينما يتعسر علينا ذلك في الأولى. ومن أهم أسس رأس المال هذا هو القراءة التي تفتح أمام الفرد والمجتمع أوسع آفاق العلم والمعرفة وتساعده في تحقيق أعلى درجات الاستقلال الذاتي والوعي بما له وما عليه على المستويين الفردي والمجتمعي.

وتسعى الكثير من دول العالم حاليا إلى تبني كثير من أفكار التمكين بمختلف أنواعه ومستوياته، كما تقوم أخرى بوضع مؤشرات لمعرفة الدرجة التي تم الوصول إليها في التمكين.