آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

سفهاء وجهلة

سوزان آل حمود *

لا تيأس مهما ضاقت عليك الأمور أو استغلقت، وتأمل معنى اسم الله ”اللطيف“ الذي لطف علمه حتى أدرك الخفايا والخبايا، وما احتوت عليه الصدور ودقائق الأمور، فهوعالم بضعفك وحالك، ومن معانيه اللطيف بعباده الموصل إليهم مصالحهم بلطفهوإحسانه من سبل لا يشعرون بها، وقصة يوسف    شاهد هذا ﴿وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء.

واعلم أن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال ولسان الحال هو من الرحمة، بلهو رحمة خاصة تصل العبد من حيث لا يشعر بها، فإذا قال العبد يا لطيف الطف بي..فمعناه تولني ولاية خاصة بها تصلح أحوالي الظاهرة والباطنة، وبها تدفع عني جميع المكروهات، فإذا يسر الله عبده وسهل طريق الخير وأعانه عليه فقد لطف به، وإذا قيض اللهله أسبابا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف له.

فنجد ان الجاهل يعلم، أو لا يعلم أحياناً بأنه جاهل، فيتكلم بموضوع ما بالحد الأدنى كي لا يفضح جهله. فهو إذا كان يعلم بجهله لا يتكلم أبداً، وإذا كان لا يعلم بجهله لن يكون لديه أصلاً ما يقوله فهو جاهل وليس لديه معلومات عن الموضوع… أي موضوع.

أما الأخطر من الجاهل، فهو نصف الجاهل. أي الذي يعلم شيئاً قليلاً جداً عن موضوعما، ومعلوماته القليلة غالباً ما تكون من نوع «قالوا له، قالولوا يعني» إذ أنه لو قرأ عنالموضوع لكان كوّن فكرة عنه أو استفاض بالقراءة ليكون عِلمَه بالشيء وافياً للكلام فيه.

خير علاج لتجاوز إساءات الجهلة والسفهاء هو الإعراض عنهم، فمن أعرض عنهم حمى عرضه، وأراح نفسه، وسلم من سماع ما يؤذيه. قال - عز وجل -: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.

فبالإعراض عن الجاهلين يحفظ الرجل على نفسه عزتها، إذ يرفعها عن الطائفة السفيهة التي تتلذذ بالمهاترة والإقذاع، وسوء الأدب منطقا وفكرا..

فالسفيه هو الإنسان الناقص العقل، الذي يتجرأ على الآخرين بالسب والشتم ويتهجم بلاسبب ويطلق الكلام القبيح بسهولة فهو إنسان غير ناضج ولا مسؤول..

قال بعض الشعراء:

إني لأعرض عن أشياء أسمعها....

حتى يقول رجال إن بي حمقا

أخشى جواب سفيهٍ لا حياء له....

فسلٍ يظنُّ أناسٌ أنه صدقا

وقال أبو العتاهية:

والصمت للمرء الحليم وقاية....

ينفي بها عن عرضه ما يكره

فَكِلَ السفيه إلى السفاهة وانتصف.... بالحلم أو بالصمت ممن يسفه

يقول الشافعي:

لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ...

أرحت نفسي من هم العداوات

إني أحيي عدوي عند رؤيته…

أدفع الشر عني بالتحيات

وأظهر البشر للإنسان أبغضه…

كما أن قد حشى قلبي محبات

الناس داء ودواء الناس قربهم…

وفي اعتزالهم قطع المودات

ويقول ايضا:

أعرض عن الجاهل السفيه…

فكل ما قال فهو فيه

ما ضر بحر الفرات يوماً…

إن خاض بعض الكلاب فيه

ويقول:

يخاطبني السفيه بكل قبح…

فأكره أن أكون له مجيباً

يزيد سفاهة فأزيد حلماً…

كعودٍ زاده الإحراق طيباً

والعاقل يترفع عن مجاراة السفيه أو حتى مجاوبته، ويعلم أن السفهاء يتجرأون على كلأمر خطير عن نقص في العقل، حتى إن السفيه قد يتجرأ على الله خالقه ورازقه، والعياذبالله، قال سبحانه وتعالى: ﴿وإنَّه كان يقولُ سفيهنا على الله شططاِ سورة الجن الآية 4.

هل يوجد علاج أخر وافضل من علاج الأعراض لأكمام لسان هولاء السفهاء والجهلة؟

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
وحيد
7 / 11 / 2020م - 4:14 م
رائع هذا المقال
جزاك الله خيراًوبارك فيك ?