آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

تلقي صدمة كورونا.. اقتصاديا «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

يستعد العالم لاستقبال رئيس جديد للولايات المتحدة، وسط أجواء مشحونة بحضور قوي لجائحة كورونا، التي كانت شأنا انتخابيا يتجاذبه المتنافسان ترمب - بايدين بمواقف متعارضة، حتى أصبح لبس الكمامة أمرا فيه جدل! في هذه الأجواء نجد أن انفراجات تحدث، فمع إعلان شركة ”فايزر“ نجاح تجاربها على اللقاح، ينفتح أفق حقيقي للسيطرة على الجائحة، وأن ليس ذلك يتحقق ليس فقط بالالتزام بالاحترازات التي هناك من لا يريد أن يلتزم بها، كما شاهدنا في أوروبا أو حتى في الولايات المتحدة، حيث تجاوز عدد الحالات اليومية 100 ألف حالة، بل إن لقاحا سيكون متاحا في المستقبل القريب. وبذلك ينزاح رعب جاثم على الاقتصاد العالمي، وهو تهديد عودة الحظر، وهو تهديد تحقق كذلك أخيرا في أوروبا فقد لجأت إلى الحظر بعد أن تفشت موجة ثانية من الجائحة أكثر من 20 دولة أوروبية.

وقد ثبت مع تصاعد ديون الحكومات ”تجاوز الدين العام 140 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة“ أن قدرة حتى المتقدم والثري منها محدودة لمواصلة الإنفاق لمجابهة جائحة قلصت الإيرادات وزادت النفقات الحكومية وآذت القطاع الخاص وقدرته على الإنتاج والتوظيف. ومع ذلك نجد أن الدول أطلقت أو تستعد لأن تطلق حزما جديدة لتحفيز الاقتصاد، فمثلا في الولايات المتحدة الاحتمال الأرجح - مع فوز بايدن - أن تطلق الحزمة الجديدة في كانون الثاني «يناير»، التي كان يقدر قوامها من تريليون إلى تريليونين، وأن تتقلص إلى تريليون واحد تأثرا بإعلان قرب إنتاج لقاح مضاد للفيروس المستجد.

وهكذا، فإذا عممنا السيناريو الأمريكي، وهو الأقرب للحدوث في بقية الدول، بأن تطلق الدول في الربع الرابع عام 2020 أو الربع الأول 2021 حزما تحفيزية تكون أكثر تقنينا باعتبار أن اللقاح سيساعد على استعادة التقارب الاجتماعي بالتالي عودة الأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا لحيويتها، ”التي ما برحت حتى الآن تعاني خسائر فادحة ومتواصلة، ناتجة عن تقييد حركة السفر بين الدول، وفرض اشتراطات صعبة للتنقل من بلد إلى آخر. الأمر الذي أدى إلى إنهاك قطاع السياحة والسفر. الذي تجاوزت خسائره تريليون دولار في عام 2020 فقط، بما يعيد صناعة السياحة العالمية - وفقا لمنظمة السياحة العالمية - 20 عاما للوراء“. إذا عممنا هذا السيناريو، فستنساق الحزم لتحفيز القطاعات الأكثر تضررا، لكنها لن تستعيد نشاطها إلا بعد فتح الدول حدودها كالمعتاد، وعودة حركة التجارة العالمية لطبيعتها. وهذه عجلة تتطلب حتى تدور تكاتف الدول، ولا سيما الصين والولايات المتحدة، ولعل قدوم الرئيس بايدن يعزز ذلك ويعجل به.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى