آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

الجدات يتغيرنَ ويبقى الحب

المهندس هلال حسن الوحيد *

اختفت الحكايات والقصص التي تخترعها وتبتدعهَا الجدات بين ساعاتِ رعاية الأحفاد وخدمة المنزل. أخذت تقنيات التواصل الحديث مقاعدهن في صالاتِ ورَدَهات الدار، أزمانٌ طويلة بعد أن كنّ - الجدات - نقطةَ الجاذبية في البيت العود قبل سنوات، وكل حكايات الجدات الجميلة. هي دورة الحياة وتطورها والتقدم التقني وتوفر البدائل الرقمية الأكثر إثارة  للأطفال أصابَ من قصص الجدات المقتل.

فإن كان في الماضي زينة الجدة المسبحة وجزء من القرآن الكريم ودلال القهوة العربية، فالآن كل ذلك موجود في تقنيات أكثر حداثة. وإن كانت الأحاديث والأخبار في الغابر تنتقل عبرَ ثقوب جريدِ النخل وشقوقِ الحيطان وأسطحِ المنازل، فالآن ينقلها أثيرُ تقنيات التواصل الحديثة والتطبيقات دون اللَّمَة وجلساتِ الضحى!

اختفت الحكايات ولم يختفِ ولم يخفت حُب الجدات وتعلقهن بالأحفاد، ومن نعمِ الله أن الجيلَ الحاضر الكثير منه يستمتع بالجدات ويراهنّ يعاملنه بالدلال والرعاية وتخفيف الحمل الاقتصادي والرعوي له وللأسرة، دور يمتاز بالحنان والرِّقَّة والنَّغمات البطيئة. ومن محاسن البلايا أنّه في هذه السنة قضى كثيرٌ من الصغارِ مدةً أطول بين أحضانِ الجدات حين لم يحضروا المدارس أو رياض الأطفال.

الجدات خزانٌ لا ينضب من الحبّ والخبرة والمعرفة التي اكتسبنهَا من سنواتِ العمر، ومن ثم يمررنهَا عبر الأجيال. فالجدّة ليست فقط شاهدة على التاريخ، بل هي التاريخ ذاته، الذي يسمعه الأحفاد منها عذباً طرياً. مع الجدات لا يكبر الصغار أبداً ويفوق حب الجدات لهولاء الصغار حبَّ آبائهم وأمهاتهم، ومن اليقين أنه شعورٌ ومنفعةٌ عاطفية متبادلة بين الكل، الصغير والكبير.

تغير زي الجدات وذوقهنّ وفلسفتهنّ في الحياة ولم تتغير مكانتهنّ في المجتمع والأسرة، بل بفضل الله هاهم اليومَ أطول عمراً وأفضل صحة من اللاّتي سبقتهنّ إذ كنّ يرحلنَ عن الحياةِ باكراً ولا يرينَ الأحفاد. فمن عنده واحدة من هذه الجدات فليَستمتع بذلك الرباط السحري ويدعو اللهَ أن يمتد طويلا.

لابد أن هذه السنة كانت من أصعب السنين، حين أجبرت الجدات على البعد قليلاً عن الأحفاد بدلاً من احتضانهم بانتظار انكشاف الأزمة، ثم تعود أيام الأعياد والإجازات كما كانت من قبل ويعود الصغار ينامونَ في أحضانِ الجدّات ويلصقونَ خدودهم بخدودهن دون خوفٍ من عدوى أو مرض.

مستشار أعلى هندسة بترول