آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

لنخلق ثقافة حفظ النعمة

محسن الناصر

لا يختلف اثنان على أن الكثير من الأطعمة الزائدة بمنازلنا مصيرها حاويات القمامة، ويمكن القول أن هذا السلوك أضحى للأسف الشديد ظاهرة سلبية بمجتمعاتنا الإسلامية بينما لا نجد ذلك في المجتمعات الغربية غير المسلمة، وهي ظاهرة مستجدة إذ لم تكن سائدة بمجتمعنا قبل عدة عقود؛ فقد كانت ربَّات البيوت تحرص كل الحرص على أن تعد وجبات الطعام بمقدار حاجتها وفي حال لو زاد الطعام لأي سببٍ ما يتم تقديمه للمواشي والطيور بدلاً من إلقائه في القمامة.

إن إعداد وجبات الطعام فوق الحاجة يُعَد من الإسراف وقد نهانا ديننا الحنيف عن الإسراف في المأكل والمشرب لأنه من المحرمات والذنوب الكبيرة التي نصَّت عليها الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة.

قال جلَّ شأنه: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ الأعراف/31

وقد كتب أمير المؤمنين كتابًا لزياد في ذم الإسراف حيث قال: «فدع الإسراف مقتصدًا، واذكر في اليوم غدًا، وامسك عن المال بقصد ضرورتك، وقدِّم الفضل ليوم حاجتك».

فينبغي على الأمهات العزيزات حفظهن الله أن يعددن وجبات الطعام بمقدار الحاجة ولا يبالغن في ذلك.

وإن زاد لأي ظرفٍ ما فلا يكن مصيره براميل القمامة بل يقمن بعزله ليُقدّم للمواشي والطيور، فالطعام نعمة من نعم الله تعالى علينا وإلقاؤه في القمامة هو إساءة لهذه النعمة واحتقارٌ لها، كما أنه إتلاف للمال، والتبذير في النعمة وعدم صونها واحترامها سبب لزوالها.

كما أن الحفاظ على هذه النعمة واحترامها من باب شكر المُنعِم جلّ شأنه حيث قال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ إبراهيم/7

في هذا الصدد أقترح على الجمعيات الخيرية ولجان التنمية الاجتماعية تبنِّي مشروع «حفظ النعمة»، وذلك بوضع حاويات خاصة في الأحياء السكنية لجمع «الطعام الزائد» بحيث تكون في مكان ثابت متعارف عليه، وتخصص حاوية للخبز، وأخرى للأرز وسائر الأطعمة؛ على أن يقوم مربو المواشي والطيور بأخذها لحظائرهم.

بتتفيذ هذا المقترح سنخلق ثقافة حفظ النعمة في أوساط المجتمع، وسنقتفي أثر المجتمعات المتحضرة.