آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:30 م

المملكة واليوم العالمي لحقوق الإنسان

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

تحل علينا بعد غد الخميس الذكرى ال72 لإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث جرت النقاشات النهائية والتصويت في العاصمة الفرنسية باريس في العاشر من ديسمبر 1948، بعد حوارات صعبة وأخذ ورد لمدة 3 سنوات تقريبا.

أما عن الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في هذا الإعلان لم يكن هامشيا كما يعتقد البعض، بل كان جوهريا وأساسيا في التأكيد على أهمية قضايا حقوق الإنسان، حيث كانت هي الدولة الوحيدة الأعلى مستوى في التمثيل بالنسبة للدول العربية، فقد مثّلها في اجتماعات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - وكان حينها وزيراً للخارجية، بل أكثر من ذلك كان الملك فيصل هو الوزير الوحيد ضمن وفود الدول العربية. كانت المملكة في تلك الفترة لديها إيمان بمبدأ حقوق الإنسان كحقوق عالمية، مع أن هناك تخوفا من بعض الدول العظمى مثل أمريكا وكثير من الدول الأوروبية في مسألة إقرار حقوق الإنسان كونها دولا استعمارية، فهذه الدول كانت تستنكف مسائل حقوق الإنسان بعد الحرب العالمية الثانية، لكن الملك فيصل استطاع ببراعته الفائقة إقناع الوفود العربية والإسلامية المجتمعة في باريس وقبل ساعات قليلة من التصويت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 بأهمية عدم التصويت ضد الإعلان، وأكد لهم أنه في حالة التردد في التصويت مع الإعلان، فإنه من الأفضل الامتناع عن التصويت، وهذا بالتحديد ما حصل فقد تم التصويت على الإعلان من دون اعتراض أي دولة.

وهذا يعد في الشأن الدولي والأدبيات السياسية أمرا إيجابيا لمصلحة الإعلان. تذكر التقارير الحقوقية أن من مثّل المملكة أيضا مع الملك فيصل كل من: الدكتور جميل بارودي، وصادق إبراهيم سليمان، وكانت لهما أدوار مهمة ومحورية في اقتراحات الإعلان ومسألة التصويت، كما كان اللبناني الدكتور شارل مالك له دور رئيس في إدارة لجنة الجمعية العامة.

ومع أن لجنة حقوق الإنسان كانت قد خصصت عدة اجتماعات خلال سنتين لصياغة مشروع الإعلان، إلا أن الاجتماعات استمرت لسنة ثالثة وقدم رئيس لجنة حقوق الإنسان التابع للجمعية تقريره الذي يقول بأن من أصل 1233 تصويتا فإن %88 كانت إيجابية، و%3 فقط كانت سلبية، كما أن 18 مادة من أصل 30 مادة كان قد تم إقرارها دون أي نقاش، وأقرت اللجنة الثالثة الإعلان ب29 صوتاً مقابل صفر وامتناع 7 أصوات. وهكذا كانت أجواء خلق هذه المنظومة الأممية التي أفرزت بعدها اتفاقيات ومعاهدات حقوق الإنسان التي شارك فيها ثقافات متنوعة ومتعددة.

اليوم يعد الإعلان، هو الوثيقة الإنسانية الأكثر أهمية في تاريخ البشرية، وصار هو المعيار الذي يفترض أن تلتزم به الدول للحفاظ على كرامات البشر، دون تمييز بسبب العرق أو الدين أوالطائفة أو اللغة أو الأصل أو اللون أو غير ذلك.