آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

واقع حقوق الانسان

عبد الرزاق الكوي

يحتفل العالم بالذكرى السنوية لإعلان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف العاشر من ديسمبر، هذا الاسم المحبب تهفوا له القلوب وتطرب له الأذان وتتمنى الإنسانية تحقيقه، ولكن هل الواقع أن العالم يعيش أفضل حالاتها بحياة كريمة تحت مظلة حقوق بحدها الأدنى، وأنا هذا الحق مكفول على النطاق العالمي بالتساوي، او هذا المصطلح يستخدم إلى مأرب أخرى وكذريعة للتدخل في شؤون الشعوب ويصبح في كثير من بقاع العالم نقمة بدل أن يكون رحمة، وسوط يجلد به كل مخالف للأجندات الدولية المسيطرة على مقاليد العالم، تسرح وتمرح تخطط وغيرها سمعا وطاعة تحت مرأى ومسمع من منظمات وجمعيات معنية بحقوق الانسان، لا يقام لها وزن ولا يعترف بوجودها اذا اقتضت المصالح السياسية والاقتصادية التدخل في شؤون الاخرين.

اصبح هذا الشعار كلمة حق يراد بها باطل جرائم في كل بقاع العالم ترتكب من قوى تتشدق برفع رأية حقوق الإنسان، تذهب من جراء ذلك أرواح بريئة ووشعوب تشتت في أصقاع الأرض وفي متاهات المحيطات.

لم تتوقف تلك الدول سنويا من إصدار شهادات حسن السيرة والسرور لمن ترضى عنه ويوافق سياستها ويحظى برضاها وينفد سياساتها حتى لو كان مخالف لحقوق الإنسان، اما من يريد تنفس هوى الكرامة ويعيش نسمات الحرية ولا يوافق تطلعاته هوى ورغبات رعاة حقوق الانسان المزيفة فتتساقط عليه التهم بأنواعها من كل حدب وصوب وتحاك لها المؤامرة بعد المؤامرة، وينهك اقتصاديا وتحاصر في رزقها وتحرم من مقدراته.

اصبح تشريع ميثاق حقوق الانسان كمناقصة من مناقصات العالم الثالث، تبذأ بميزانية ضخمة وتنتهي الى عمل محدود وذات إمكانيات وبنية تحتية ضعيفة، حقوق الإنسان تبذأ كبيرة في الدول العظمى وتصل إلى العالم الثالث الفتات الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، بل قد يصل إلى نقمة على البعض تنتهك حقوقه بأسم حقوق الإنسان، وتشن الحروب تحت هذا المسمى بقوة عين وتحت مسميات ناعمة تتخفى فيه الوجوه القبيحة.

قال تعالى: «إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم».

عالم يسوده النفاق والكذب من أجل مصالح شخصية بعيدة كل البعد عن الروح الإنسانية والوازع الأخلاقي، عالم يظهر خلاف ما يبطن، نفاق سياسي باحترافية تحت مسميات شتى تبتلى فيه البشرية، خداع وتلفيق مؤامرات وغدر واحتيال، اصبحت من سمات العصر، كلمة حقوق اصبحت فضفاضة يتلاعب بها من اجل المزيد من الإملاءات، والعدو الوهمي والمعايير المزدوجة لتمرير تلك الإملاءات.

فالحروب المفتعلة بأسم تحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية شردت مايزيد من 37 مليون حول العالم والرقم في تزايد، ومثلهم من الضحايا من قتلوا ومن يعيش معانات وويلات الحروب من بطالة وفقر وإعاقات وما يتولد من جرائم بسبب الحصار المستمر من قبل رعاة حقوق الإنسان تدين كما يحلو لها، وما يحصل في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص خلال السنوات الماضية ولايزال بعضه مستمر هو صبغة اتسمت بها سياسات رعاة حقوق الانسان والتي انبثق ميثاق حقوق الإنسان من رحمها، العالم يتجه بسبب المطامع الاقتصادية والتسلط على مقدرات الشعوب الى مالايحمد عقباه، في عالم تنمحي فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الاخلاق، كل ذلك خلق بؤر ارهابية، استخدمت هذه الجماعات ضد بلادها وخدمة المصالح الغربية بغباء قل مثيلة اصبحت مطية رخيصة تباع وتشترى وخنجر في خاصرة اوطانهم وتشويه للإسلام.

العالم يرزح تحت المظلوميات وصناعة الإرهاب من قبل تلك الدول وماتولد من تحت عباءتها من تنظيمات تحت مسميات إسلامية تحرك من قبل أعداء مجتمعاتها، لم يسلم الطفل والمرأة وكبار السن تحت هجمات القوى الدولية أو المنظمات الإرهابية، خلق مستنقعات وبؤر للتوتر حتى لا تقوم للدول قائمة، تروج فيه الأسلحة الفتاكة والتدخلات العسكرية الخارجة والضاربة بالحائط كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، في حروب مفتعلة، فالتاريخ يشهد ما تعرض له الهنود الحمر، التي بنيت حضارة ذهب من اجل ارساء هذه الحضارة ما يقارب من 50 مليون آنسان قتلوا وفي تقديرات أكبر بكثير، وجلب لبناء هذه الحضارة العبيد من دول أفريقيا، تم استغلالهم كعبيد بعد حرق قراهم في أفريقيا، يشحنون في أقفاص من أوطانهم لخدمة الحضارة المتقدمة في كل شي إلا بعلاقتها بالإنسانية، كان يموت في هذه الرحلة من أفريقيا إلى حيث يستعبدون من 80-70 ٪ في أوضاع خارج كل العراف والمواثيق، أصبح العالم يئن كل يوم أكثر من سابقه، الطائرات بدون طيار لا تنقل المساعدات بل الصواريخ التي تذهب فيها أرواح بريئة إن لم يقتله الفقر والجوع والبطالة ومتاهات المحيطات يقتل بلا رحمة بأسم حقوق الإنسان، هذه الأيام تطالب الجزائر بكشف مواقع التجارب النووية على أراضيها اثناء الاستعمار وماخلفته من جرائم ضد الإنسانية وهي تدعي ان حقوق الانسان انبثق من ثورتها.

ترليونات من خيرات الشعوب تنهب ودول تنتهك سيادتها تحت أعين الأمم المتحدة، تقف صامته بدون خجل مما يحدث، فالوضع يصل إلى أسوء حالاته، في دول ترعى الارهاب الدولي وجرائم الإبادة والقتل الجماعي، دول فوق القانون تحرك العالم كأحجار الشطرنج.

العالم يئن وسوف يئن أكثر في وجود اللوبيات الخفية المستهترة بكل القيم الإنسانية والفكر البشع الأطماع بلا حدود ينتظر من العالم أن يكونون عبيد تحت رحمتها وتحقيق رغباته.