زواج غرام دون تقارب يطلع قرع بصري!
تقول الدراسات العلمية أن العاطفة باتجاه شخصٍ ما من الجنسِ الآخر حينما تثور في أجسامنا تفرز موادًا تشبه المخدرات، كلما أخذنا منها زاد تعلقنا بها، أو كالماءِ المالح كلما شربنا منه ازددنا عطشًا، وهكذا يشتدّ التعلّق بالآخر كلما ازداد تواصلنا العاطفي معه. ثم لا يمكن للعاشق أن يعيشَ دون من يعشق، تمامًا كما تروي قصص حب قيس بن الملوح ليلى العامرية، فتراه يومًا يهيم في الصحراء، وتارة أخرى يحرق أصابعه بالنار دون أن يدرك حرارتها، وأخيرًا يجده الناس ميتًا تحت شجرة، أليس هذا قمة الرومانسية؟
بلى، إن كان الغرض من العشق كتابة رواياتٍ أدبية وأشعار، أما في الزواج فلابد من النظر أبعد من المخدر الآني إلى أرض الواقع في التوافق والتقارب، وأن لا يكون الزواج مبنيا - فقط - على الحب والعشق الجسدي دونما أدنى درجات التكافؤ والتقارب الفكري والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وغيرها من شروطِ ودعائم الاستقرار.
كنت كثيرًا ما أسمع المثل الشعبي: ”حلاة الثوب رقعته منه وفيه“، فإذا الارتباطات انبنت على العاطفة، فقط، فلن تستطيع الصمود والوقوف مستقبلًا أمام عواصفِ الحياةِ الواقعية، وقد تغرق سريعًا في محيطاتِ الطلاق والفرقة، وفي أبغضِ الحالات تَعلق في زحمةِ العشرةِ القاسية جدّا، هما أمران أحلاهما مرّ، طعمٌ لا يفكر فيه العشاق في حالِ السكر من خمر الهوى، لكنه وصفةٌ مستقبلية لتجربة طعم العلقم.
كل الحالات تنتهي بالعلقم؟ لا، ليس حتمًا، لكن غالبًا ما تبني الروايات والمسلسلات التلفزيونية والاختلاط بين الجنسين ومحادثات ما بعد منتصف الليل بيوتًا أوهى من بيتِ العنكبوت، يظن من يشاهدها أنها الواقع، فإذا كان في سنوات العمر التي لا يملك فيها الخبرة لكي يستقرئ المستقبل، ويتوقع المخاطر، ظنَّ أن ذلك ما قد يحدث حقا!
يزرع الاختلاطُ بين الجنسين أمنية أن تجتمع صفاتٌ عدة في محبوبٍ واحد، وهذا من المحال. يرغب في عينِ امرأة ولون أخرى، ونحافة أخرى، وغيرها من صفاتٍ مغرية في جسدٍ واحد! وأنى يكون هذا في الدنيا؟ ثم بعد فترةٍ وجيزة يدرك أحدُ الزوجين أن ليس في محبوبه كل هذه الصفات، فماذا بعد؟
اختر الزوجَ الجميل والأنيق والوسيم والغني والمتعلم ولا تتوانى في الطلب، لكن دون أن يكون على حساب انعدام التكافؤ والقدرة على الحصولِ على السكينة الروحية والهدوء النفسي الذي يوفره التقاربُ الفكري والاجتماعي والديني، ولا تكتفي بالرغبة في الوصال الجسدي الصِّرْف الخالص.
