آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:19 م

هل قالت البطولات وداعا لكرة اليد في نادي الخليج؟

أثير السادة *

سؤال لا ينام حتى يستفيق في ذاكرة أبناء مدينتي الصغيرة، كلما انطفأت أنوار الألعاب الأخرى عادت الناس لتحلم أحلام السلاطين في كرة اليد، تستعيد ضجيج الصالات، وصوت الهتافات، وزعيق السيارات وهي تحتفل ببطولة عرفنا الطريق إليها متأخرا.. لحسن الحظ هنالك الكثير الذي تحفظه الذاكرة من يوميات كرة اليد في سيهات، الكثير منه متناثر عبر تغطيات الصحف المحلية التي كانت تتاعب الحدث بعين واسعة، في شيء من الدهشة لولادة لعبة جماهيرية أخرى تزاحم كرة القدم في هذا الإقليم.

مؤكد بأن هنالك من يقرأ الآن وكأن الحديث القادم سيكون عنه، فكرة اليد في مدينتي الصغيرة كان قداسا جماعيا يحج إليه الناس، موعدا مع مناسبات مذخورة للفرح، سيكون الكلام عن تاريخ كرة اليد حديثا عن تاريخ المدينة وناسها، عن آباء اسندوا ظهورهم لكراسي الصالة الخضراء حتى انحنت في برزخ العمر، وأبناء نفضوا الغبار عن المساحات الفارغة وهم يحيلونها إلى ملاعب حواري لكرة اليد، وعن أحلام خضراء فاض بها هذا النادي حتى توزعت على الأمصار، وصارت نواة لاستعادة الحياة في أندية أخرى.

لم نكن أصدقاء للبطولات في أول العهد، كان الطريق طويلا إليها، لا يريد الناس أن يتذكروا هذه المعلومة وهم يسطرون بيوتا من الشعر حين الحديث عن بطولات زمان، من يتأففون اليوم من الصيام الطويل عن الفرح في خليج اليد لا يعرفون أشواك الطريق التي كان يتغنى بها وهبي مروزق ورفاقه في مدرجات التشجيع، فقد ركض اللاعبون زمنا طويلا قبل أن يبستم لهم الحظ بنيل البطولة الأولى في مشوارهم.

كرة اليد في نادي الخليج أخضر عودها في مطلع السبعينيات، وأزهرت في الثمانينات، ونالت أجمل قطافها في التسعينات، مسافة زمنية ليست بالقصيرة، مسافة اغتالها الحزن مرات، قبل أن ينعانقها الفرح، وتصبح مواعيد للذهب، مسافة أثثها الخليج بالكثير من العمل والبناء على الفئات السنية، لتكون بمثابة البوابة لدخول تاريخ الانجازات، تماما كما صنع الصفا والنور، وبعدهم مضر، وهم يخطون الخطى باتجاه المنصات.

فإذا كانت الألفية الجديدة تبدو ضربا من النحس ليد الخليج عند مريدي هذا النادي، فإن العقود الماضية قد شهدت فصولا شبيهة لها، غلب الناس الحزن مرات ومرات قبل أن تزهر حدائق الأمنيات بالنجاحات، بلغ الفريق فيها النهائيات وخرج دون تتويج والفارق هدف واحد فقظ، سيناريو تكرر أمام نواظر المتابعين كثيرا، خاصة في نهائي الكأس، الذي استطاع نادي الأهلي أن يحتفظ به لأكثر من 12 سنة على التوالي، دون أن يقطع الطريق عليه أحد!.

هل يتخيل جيل اليوم أن يصل فريقهم لنهائي الدوري والكأس على مدى عامين متوالين، ويلاعب ذات الفريق ويخرج من المولد بلا حمص.. هذا ما كان يحدث في مطلع التسعينيات، يغيب الأهلي عن الدوري بداعي المشاركات الخارجية ويستمر الخليج في الصدارة، قبل أن يعود ثانية ليكنس كل الجوائز والألقاب.. سيرة ثقيلة من الهزائم لكنها لم تصنع بالأمس سوى حفر مساحات الأمل في دواخلنا، لنعود إلى الصالات مرة بعد أخرى، نغلقها قبل موعد المباراة بثلاث ساعات بالتمام.

ربما تأخر الخليج عن الوصول ثانية إلى منصات الذهب، وربما تقدم الآخرون كثيرا عليه، وأصبحوا يهبون اللعبه شكلها ولونها، غير أن ذلك لا يعني نهاية التاريخ، فثمة متسع للأمل، ينبغي الرهان عليه، والعمل لأجله، بقاء الخليج طويلا خلف المركز الأول والثاني يعني أنه لم ينس أبجديات اللعبة، هو فقط يبحث عن مفاتيحه للفوز، ولرفع جودة الفريق، والذي ينبغي أن يبدأ من إعداد الفئات السنية، وينتهي بقراءة المشهد الرياضي اليوم بواقعية، فالماضي ماضي، ولا يلزم الركون إليه.