آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

رجل المجتمع.. المرحوم ناصر الصادق

زكريا أبو سرير

تعد العلاقات الاجتماعية بالنسبة للرجال جزءا مهما من حياتهم، وقد يبذل الكثير من الرجال عناية فائقة في المحافظة على علاقاته الاجتماعية، والإنسان يبني شخصيته الاجتماعية من واقع مجتمعه، ومن خلال كسب العادات والأفكار والأعراف الاجتماعية، الذي تشكل ثقافة المجتمع.

وكما هو معروف إن الشخصية الاجتماعية هي انعكاس لمجتمعها، وكذلك يسهل التعرف على الشخصية الاجتماعية من واقع مجتمعها، وهذا ما يعطيها نوعا من التميز اجتماعيا منفردا بين أبناء مجتمعها، وقد يمتد هذا التفرد والتميز الي خارج مجتمعه، بسبب تمتعه بالتوسع في العلاقات العامة، نتيجة مهاراته الاجتماعية الذي كسبها من مجتمعه الأم.

ما زلنا نبحر في أجواء الشخصيات الاجتماعية الفاعلة والخيرة، والذي خلدتهم الذاكرة الاجتماعية، حيث تركت أثرا طيبا في نفوس أبناء مجتمعها، وكذلك تركت بصمة على كل الصعد الاجتماعية والدينية والثقافية، وهنا أبحر معكم عن الشخصية الاجتماعية البارزة واللامعة، الشاب الفقيد السعيد المرحوم ناصر بن أحمد الصادق، رحمه الله، هذه الشخصية الاجتماعية الذي طالما عرفها المجتمع بأنها صاحبة المواقف الإنسانية، حيث كانت أفعاله الطيبة تسبق كلامه، والمحبوبة اجتماعيا، حيث برزت منذ نعومة أظافرها بهذا التميز الرائع، واستطاع أن يتغلل في أوساط المجتمع بكل يسر وسهولة، وكانت الأبواب الاجتماعية تفتح له بكل حب، وكان الجميع يسعد بقدومه وتواجده بينهم، لأنه وبكل بساطة كان منهم وفيهم بما تعني وتحمله هذه الكلمة من معنى.

المرحوم والفقيد الغالي أبو أحمد، كان يتسم بأنه شديد التواضع، وحسن الأخلاق وحسن العشرة، وكان شديد الوفاء لأصدقائه ومحبا لمجتمعه، والمرحوم الغالي كان يتحلى بسمات أخلاقية عالية وعديدة ورائعة، منذ أن كان صغيرا، ونمت وترعرعت معه حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ عن شخصيته وطلته البهية، حتى أصبحت شخصيته تتمتع بكاريزمية اجتماعية قل نظيرها.

يده كانت بيضاء كبياض قلبه الناصع، حيث إنه كان صاحب مبادرات إنسانية، لا أبالغ إن قلت قد لامست يده معظم الجوانب الاجتماعية والدينية، وقد يشهد له بذلك غالب من عاشره، على انه صاحب مبادرات انسانية للكبير والصغير، للصديق والبعيد، بالفعل كان شخصا معطاء ومبادرا للعمل الخير، بل لا يتردد في فعل الخير، سواء كان على الصعيد الاجتماعي أو الديني، فضلا عن تواجده الاجتماعي الدائم في وسط المجتمع، بحيث لا تجد أي مناسبة اجتماعية إلا وتجده قد سبق الكثير إليها برغم انشغالاته الكثيرة وارتباطاته الاجتماعية والعملية، إلا أنه لم يترك عادته الإنسانية في مشاركته في المجتمع ومع أبناء المجتمع، في أفراحهم وأحزانهم، وبرغم ضغوطات العمل الذي كانت تواجه، إلا أن الجميع يراه حاضرا في كل مواقع المجتمع، لأنه بالفعل ابن المجتمع.

ومن السمات الرائعة للفقيد السعيد الراحل، كان هو من يبادرك بالسلام والتحية، سواء كان ماشيا أو كان في مركبته، كان لطيفا وخفيفا على النفس، ومرحا لأبعد حد، ويعشق الماضي وأصدقاءه القدامى ويقدرهم بالغ التقدير والاحترام.

يذكر لي أحد النشطاء الاجتماعين، عندما أرادوا تأسيس مسجد لهم في الحي الذي يقيمون فيه، وذلك لفقدهم لوجود مسجد حديث وكبير، وعندها كان في نفس الحي أرض مناسبة للقيام عليها مشروع المسجد، والحديث مازال لصديقنا، قمنا بعملية البحث عن أصحابها لأجل التفاوض معهم لبيعها لصالح تأسيس مشروع مسجد عليها، وبعد البحث تبين أن صاحبها رجل الأعمال الوجيه أبو ناصر الصادق والد المرحوم، عندها توجهنا لمقر عملهم القريب للحي وهو المصنع الصادق للألمنيوم، حيث يكون أغلب تواجدهم فيه، وكان في استقبالهم المرحوم السعيد الحاج ناصر، وبعد ما تلقوا جمال الترحيب وحسن الضيافة منه، تم فتح الموضوع معه، وحسب وصف الإخوة كان مبتسما ولين الكلام والخطاب، وبعد فترة وجيزة من الزمن وبعد استشارة والده حفظه الله، تم التنازل لهم بالأرض لإنشاء مشروع المسجد عليها، وقدمت على أنها مشاركة اجتماعية دينية دون أي مقابل مادي، ولم يتوقف عطاؤهم المبارك بهذه القطعة من الأرض، التي كانت تشكل مبلغا كبيرا في ثمنها، بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك، إلى المشاركة في تأسيس هذا الصرح العبادي الهائل، وكان كل ذلك تحت إشراف المرحوم الفقيد السعيد ناصر الصادق رحمه الله، المشروع مسجد الإمام الباقر ، الواقع في شمال تاروت، فهذا غيض من فيض.

ولو فُتحت أيقونة المرحوم في الأعمال الخيرية منذ أن كان شابا يفعا، لاحتار الكاتب في أي جانب يكتب عنه، حيث إن المرحوم كانت له أفضال كثيرة على أبناء المجتمع وعلى المجتمع نفسه، بحيث كانت مشاركاته ومساهماته في المؤسسات الاجتماعية الخيرية عديدة وكبيرة، فهو شخصية مقدامة على العمل الخيري والعطاء الإنساني السخي، ولا أظن مثل شخصية المرحوم أبي أحمد، تمحى من ذاكرة المجتمع وأبنائه، بل هو حي مع ما خلفه من أعمال خيرية ومن ذكرى طيبة وعطرة، وكذلك في قلب كل شخص منا ما دامت قلوبنا تنبض بالحياة.

وكذلك أجدد طلبي واقتراحي هنا، في تخليد مثل هذه الشخصيات الفاعلة والناشطة اجتماعيا ودينيا وثقافيا، من خلال ربطها بأحد البرامج الاجتماعية والدينية والثقافية، وليكن تخصيص يوم في السنة لهم، من خلال القيام بعمل فاعلية خيرية بأسمائهم، حيث تكون فعالية اجتماعية خيرية يشارك في إحيائها رؤساء المؤسسات الخيرية ووجهاء المنطقة من العلماء الأفاضل ورجال الأعمال الكرام والمثقفين الموقرين، لكي يستمر بروز شخصيات اجتماعية مثيلة لها في المجتمع، ولكيلا يعقر المجتمع من حرمانه من مثل هذه البذور المباركة من خلال هذا النوع من التكريم.

وكلمة شكر وعرفان إلى صاحب هذا القلب الطيب، إلى صاحب النفس الأبية، إلى صاحب الابتسامة الفريدة، إلى من أجهد نفسه وماله في خدمة مجتمعه وأبنائه، نعلم أن كلمة شكرا لن توفيك حق ما صنعته وبذلته، ولكن هي كلمة تعبير للوفاء المحسنين، رحمك الله يا أبا احمد برحمته الواسعة، والفاتحة المباركة على روحه الطاهرة.