آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

هل من بارقة أمل

عبد الرزاق الكوي

دخل العالم عاماً جديداً على أمل وتمنيات بأن يكون عام خير وصحة والقضاء على وباء كورونا وتبعاته المدمرة من صحية واقتصادية خانقة، رغم الأمنيات والدعاء تم اكتشاف سلالة آخرى من وباء كورونا مما يخلق حالة من القلق ليزداد الوضع سوءاً على المستوى العالمي بشكل عام وعلى منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، وكأن العالم خالياً من المشاكل حتى يأتي الكورونا ويزيد الوضع تأزما.

فالشرق الأوسط الغارق في همومه القديمة والمستمرة والمستعصية والمتزايدة زاده وباء كورونا تأزما رغم ما يمتلك من إمكانيات اقتصادية وموقع استراتيجي ولا تنقصه العقول التي انتشرت في العالم وحققت الإكتشافات والتقدم العلمي للبلدان التي ذهبت لها، فالشرق الأوسط أصبح محط أنظار الطامعين بخيراته التي لم تستغل الاستغلال الأفضل لتلك الشعوب بمسببات عديده أهمها الأطماع الخارجية والتي تخطط دائماً لأن يبقى حال الشرق الأوسط كما هو أو أكثر ضعفاً وتتزايد حاجاته للبقاء تحت رحمة الطامعين، تتحكم فيه اجندات احيانا تحت مسمى الدمقرطة أو حقوق الإنسان، أو بإشعال خلافات حدودية، وإن لم يستفاد من ذلك فالتهديد العسكري والحصار الاقتصادي والضغوطات من جوانب عديدة كلا حسب نقطة ضعفه والهيمنة عليه.

منذ مخطط سايكس بيكو المشؤوم لم يقم للشرق الأوسط قائمة من حروب ساخنة وباردة وناعمة ومؤمرات وفتن ومشاكل مختلقة، وأقطاب متعددة مما جعل هذه المنطقة ساحة صراعات لا تنتهي، وتحالفات متغيرة وحروب بالوكالة وقوى متصارعة لا تخدم دول الشرق الأوسط بل تصب كل تلك الخيرات الكامنة في هذه الأرض لمصلحة غيرهم وشعوبها تعاني الفقر والجوع والحروب المستمرة مما يدل على أن كل ذلك مخطط له بعناية لتحقيق مصالح استراتيجية خارجية.

فالقوى العالمية لم يكن همها أن يعم السلام في العالم ولا يتم تحقيق مبادئ حقوق الإنسان ولا معالجة الفقر، بل يصل مبتغاها إلى إشعال الحروب من أجل تسويق السلاح وان تستمر حالة الضعف التي تناسب التطلعات السياسية والاقتصادية لصناع القرار في العالم.

كثير من الأحداث والحروب التي وقعت ولا تزال خير شاهد على الواقع المحزن لهذه المنطقة، وإن الواقع سوف يستمر على هذا الحال اذا لم تتكاتف الجهود وتبرز إرادة قوية تقف في وجه العبث الذي تذهب فيه أرواح بسبب حروب مفتعلة تدمر البنى التحتية لدول مستقلة بحجج واهية ان تلك الدول ديكتاتورية، أو تملك أسلحة محرمة أو تدعم الإرهاب وغيرها من الأسباب وكأنها أصبحت في يوم وليلة دكتاتورية ولم تحقق أبسط حقوق الإنسان لشعوبها. ان الحروب المفتعلة حصدت من الأرواح البريئة اكثر مما ارتكبه الديكتاتوريات رغم بشاعة أعمالهم وظلمهم لشعوبهم كانو لعمر طويل من المرضين عنهم من قبل القوى العالمية.

بسبب كل تلك المخططات يعيش الشرق الأوسط أسوء مراحل حياته، يخرج من الطين ويقع في الطحين، يعيش في دائرة مفرغة من سيئ الى أسوء، ومن دمار محدود إلى دمار شامل خارج عن السيطرة، لا بارقة أمل على الطريق، ينتظر فيها علاج الوباء من الخارج وسلاحه وكثير من ضرورياته، مما يجعله في محلك سر وإلى مزيد من القيود والرضوخ لمتطلبات غيره التي تكبله وتقزمه أكثر.

الربيع العربي أصبح خريفاً قاسياً تساقطت فيه كثير من الأوراق وذهبت بسببه ارواح بريئة دمرت في البلدان وهجر فيها الإنسان وازداد الفقر ومزيد من الضعف الاقتصادي لدول تملك خيرات زراعية ومائية وبترولية ومواقع استراتيجية وعقول يشهد لها العالم، اصبحت في مهب الريح وسلط عليها سيف الإرهاب وانتشر فيها قطاع الطرق والخارجين عن الإنسانية فقتلوا وقطعوا الرؤوس واغتصبوا النساء وخدموا اجندات الأعداء.

عالم اليوم لا يلتفت للضعيف، العالم أصبح غابة يأكل فيها القوي الضعيف بلا رحمة ولا إنسانية مما يجعل هذا العالم أكثر فقرا وظلما تتزايد فيه الأطماع ليبقى العالم سوقا لمنتجاتها ومن تسول له نفسه الخروج فالويل كل الويل له من عقوبات متعددة واستعراض العضلات لكلا حسب استجابته للإملاءات والسمع والطاعة.

المشكلة اليوم ليست بين شعوب العالم، بل مع صناع القرار والأيدي الخفية ومراكز القوى التي تتحكم في العالم تتغير فيها السياسات والوسائل المتبعة ويبقى الهدف واحد.

شعوب العالم اليوم أنهكتها الحروب ودمرته السياسات وأضعفت بنيته الاقتصادية الأطماع، يأمل ان تكون أيامه القادمة تغمرها ولو قليلا من السعادة والحياة الكريمة ومعالجة الفقر المستشري في العالم..