آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

هل تكتفي أسر اليوم بمولودين؟

هل حانَ الوقت لنكتفي باثنين أو ثلاثة من المواليد لأنه لم تعد القوة العددية هي ما تحتاجه الأسرة اليوم في حرثِ وزراعة الحقول أو غيرها من الظّروف الصّعبة الأخرى؟ وأن يصبح ما تحتاجه الأسرة هو القوة المتمثلة في نواةٍ عاقلة سليمة ومنتجة؟ لأن المرأة العاملة اليوم لا تستطيع أن ”تحوش رمانتين بيدٍ واحدة“، فكيف بأكثر؟!

هل من يشك أن الولد الصالح من أجملِ المسرات؟ لكنه تغير في هذا الزمان الواقعُ الاجتماعيّ والمعيشي، وهذا التغير يفرض علينا إعادةَ النّظر في مفاهيمَ لم تجد قبولًا واسعًا وتفهُّمًا ملموسًا في الماضي، فلم يكن مجتمع أمي وأبي يألف قبول أفكار ورؤى تتعارض مع ما يختزنه من توجهات كان يعيشها ويألفها مدةً طويلة دون ضغط. ولكن العديد من الأسر اليوم يلزمها البحث عن سبلٍ فعالة من أجل تخفيف العبء وتيسير الحياة، والتوجه نحو النوعية في الأبناء بدلًا من الكمية.

كم يكفي من البنين؟ وها هي ذا الحياة العصرية تضغط على الجيلِ الجديد ليكتفي باثنين بدلًا من خمسة، أو عشرة أو أكثر كما في الماضي؟ في حين كان الأولاد يمثلون لوالدهم القوّة العددية، ويعطونَه الإحساس بالفخر والزهو عندما تحيطه عشرة منهم أو أكثر، على الخصوص إذا ما تحولوا إلى شخصياتٍ فاعلة في مجتمعاتهم، وأعطوا والدهم مجدًا يضيفه لمجده، وفي كثرة أولاده وأحفاده يبقى متجددًا بعد أن يموت. الآن وفي ظلِّ رغبة الزوجين أو حاجتهما للعمل وعدم التفرغ كلية لتَربية الولد، لا المال يكفي ولا الوقت يكفي! فكيف لمن عنده عشرة أن يترك المنزل قبل طلوعِ الشمس هو وزوجته، ليعودَا بعد الغروب ثم تكون لهما حياة هادئة وهانئة هم والأبناء، وأن يحصل الأبناء على كفايتهم من التربية والتنشئة السليمة التي هي حقٌّ لهم؟ أظن أنها مهمةٌ تقرب من المستحيل!

دعوة ستكون غريبة اليوم، لكن لو بدأت الأسرُ الشابة تطبيقها، ستجد نفسها كما في الأسر الأوروبية، وغيرها من الأسر، تستطيع التركيز والارتقاء بأبنائها وتتمكن أكثر من التفرغ للتوجيه والمتابعة. ويستطيع الآباء والأمهات أن يعيشوا حياتهم  هم - أيضًا، وليس من خلال حياةِ أولادهم!

مستشار أعلى هندسة بترول