آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

أجمل وظيفة للرجال!

لا، ليست الطبّ أو الهندسة ولا التجارة، بل هي وظيفة يعمل فيها الكثير - ويبدع فيها القليل - وهي وظيفة ”أب“. وظيفة لا يجب أن يسمحَ الموظف فيها لنفسه بالتقاعس عنها وتركها ليومٍ واحد من حياته. لأنه لو تقاعد من هذه الوظيفة سوف يتخلى الأبناءُ عن وظيفتهم، ولن يكونوا أبناء.

مع أنه عملٌ غير منقطع على مدار الساعة وشاقٌّ احيانًا، لكنه يفيض بالبهجة والسعادة وقرة العين حينما يدرك الأبناء والأحفاد بأن وظيفة الأب فيها حقوق وواجبات، أقلها وأبسطها الأكل والشرب، فالحَيوانات تجلب الأكل لصغارها وتتزاوج أيضًا، وأعظم الواجبات حراستهم وحمايتهم من سلطة الجهل والمخاطر التي تحيط بعقولهم وأنفسهم ثم أجسادهم، حتى بعد بلوغهم سنّ الرشد، أملًا أن يكونوا أفضل خلفٍ لخيرِ سلف. وأن لا يكونوا البديلَ السيىء، الغير منفتح على الطاعة والاستقامة، وتقوده شهواته المائعة ورغباته المنحرفة.

الأب موظفٌ مستأجر من قبل الله سبحانه وتعالى، فهو الذي قلده هذه الأمانة، وهو من وضع له مقاييس الأداء ومن يحاسبه عليها. ولكي يكون معذورًا عليه أن يقوم بهذه الوظيفة ”أكثر“ مما يستطيع وليس بقدر ما يستطيع. هي وظيفة مهما بذل الأب فيها من جهد، لا ينفك يحتاج يدًا من الله تمتد إليه بالعون على الدوام، فلطَالما رأينا وسمعنا عن أبٍ كان مربيًا فاضلًا وقادرًا، ومع ذلك الفضل والقدرة فشلَ في التربية!

يا لها من وظيفة أصبحت صعبة ومعقدة، يلزمها الآن قدرات جيدة وذكاء وازن. وأكثر من ذلك كمية كبيرة من التكيف وطول البال والأناة في أن تُهذِّب وتُعلِّم شخصًا وُلِدَ في غير عصرك ويجادل في أنَّ له الحرية حصرًا أن يفعل في حياته ما يشاء. وأن قدوتَه في الحياة والنجاح شخصٌ مغمورٌ غيرُ متزن، يحاول أن يشده إليه ويحشو عقله بالأعمالِ الحقيرة والتي لا قيمة لها.

استمتعوا أيها الرجال بهذه الوظيفة وشاركوا أولادكم تجاربكم التي راكمتموها في سنوات وحذِّروهم من مطباتِ ومزالقِ الحياة التي وقعتم فيها، وحالت بينكم وبين تحقيق ما كنتم تصبون إليه وتتطلعون لتحقيقه. وحينئذٍ من المؤكد أن الجيل القادم بعدكم سوف يحمل رسالتكم ويسلك طريقَكم ويتحمل المسؤولية كما تَحملتموها.

من أروع الأمثال الشعبية: ”عينك على حلالك دواء“، فإذا غابت عينك عن الإبل والماشية فشلتَ في الرعي والرعاية وضاع الحلال، فكيف إذا كان الحلال هو الأولاد والبنات؟!

مستشار أعلى هندسة بترول