آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

هل الخبز والأرز ليسا من أكبر النعم؟!

المهندس هلال حسن الوحيد *

لو اشتريتَ وجبةَ لحم اليوم من أحدِ المطاعم فسوف يكون اللحم في وزن الغرامات، أما الخبز أو الأرز فسوف يأتيك منه ما يكفي لاثنين أو ثلاثة من الرجالِ الأشدّاء، وبالتالي سوف يأخذ هذا الفائضُ طريقه مع كلِّ أسى نحو مكب النفايات. وفي أحسنِ الأحوال أنا أرميه لتَأكله الطَير. كمياتٌ من المؤكد أنها توزن بالأطنان وتكلف الكثير من المال.

قد يكون هناك من يأكل هذا الكمّ من الخبز والأرز أو يحفظه لوقتٍ آخر! لكنني أكاد أجزم أن الكثير لا يُنتفع به وكأنه ليس ذا قيمة. فحبذا لو قلنا لصاحب المطعم أو غيره: قلِّل لي الأرز أو الخبز واحفظ الزيادةَ عندك لمن يرغب فيها، فربما فعلًا يكون هناك من الناسِ من يأكلها فلا تضيع هدرا. فأن تُعطي المطاعم ومنشآت خدمات الطعام هذه الكميات من أجل تكبير الطلب في عين الشاري، فهذا مما لا يجوز عند العقلاء ولا يبعد أن يكون كفرًا وجحودًا بأثمن النعم التي تعطينا الأمنَ الغذائي.

كما في بيوتنا أيضًا، علينا التخفيف من الإسفاف والهدر في هاتين المادتين حتى نصلَ إلى قناعة وطريقة يحصل بها كلٌّ منا على ما يكفيه من الغذاء ولا يكون هناك كميات فائضة عن حاجة الفرد والأسرة والمجتمع، وفي ولائمنا ومآدبنا التي لا تزال بعيدة جدًّا عن تقنين الكميات الفائضة من الخبز والأرز.

لولا رحمة الله بأن جعل القمحَ والأرز مادتين وافرتين في العالم يأكل منهما الغنيُّ والفقير على حدٍّ سواء، لباتَ العالم بأسره جائعًا وبالتالي من واجب شكر النعمة أن لا تُهمل هاتان المادتان. وأعتقد أن أبناء جيلي الذين عاشوا سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي يتذكرون جيّدًا، كما أتذكر، كيف كان الخبزُ شحيحًا ومحترمًا، وكذلك الأرز.

كلنا مدركون كم في العالم من جوعى اليوم، ويتمنون أن يأكلوا هذا الفائض من الأرز والخبز الذي ما إن تشتري لشخصٍ واحد إلا وحصلت على ما يكفي لثلاثة، وما أن تكون مدعوًّا إلى وليمة حتى تتألم من الفائض أكثر من متعةِ الأكل، فهلَّا شكرنا اللهَ وحافظنا على النعمة التي اختصنا بها دونَ فضلٍ منَّا على غيرنا!

مستشار أعلى هندسة بترول