آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

تحدي كبير

محمد أحمد التاروتي *

وضع اقتحام الكونغرس إدارة الرئيس الجديد بايدن امام تحدي كبير، خصوصا وان الاعتداء على احدى المؤسسات الدستورية سابقة خطيرة، مما يضع البيب الأبيض في مواجهة مباشرة مع شريحة واسعة، لديها قناعات راسخة بادعاءات الرئيس السابق ترامب بالتلاعب بالانتخابات، وبالتالي فان محاولة رأب الصدع الحاصل في المجتمع الأمريكي، بحاجة الى برامج ومبادرات عديدة، لتجاوز التداعيات المترتبة على الانقسام الكبير، جراء نتائج الانتخابات الأخيرة.

عقيدة الرئيس السابق ترامب المتمثلة في شعار ”أمريكا أولا“، وجدت أصداء واسعة لدى بعض الفئات الاجتماعية، خصوصا وان الرئيس السابق ترامب استطاع تحريك العواطف، واثارة بعض المشاعر العنصرية المكبوتة، بحيث تجلت في القدرة على تحريض أنصاره، قبل اعتماد نتائج الانتخابات، والدخول الى الكونغرس عنوة، وبالتالي فان الرئيس بايدن سيجد نفسه محاصرا، مع بداية ولايته بالكثير من الازمات الداخلية، مما يستدعي وضع العديد من الخيارات والحلول، للتغلب على التركة الثقيلة الي وجدها امامه، جراء سياسات الرئيس السابق ترامب.

ادراك خطورة اقتحام الكونغرس، دفع الكثير من الجهات الرسمية، وكذلك المسؤولين، لرفع الصوت عاليا، بهدف القضاء على ظاهرة التعدي على احدى المؤسسات الدستورية، لاسيما وان الاقتحام يعكس وجود ثقافة خطيرة تتجاوز الأطر الديمقراطية، انطلاقا من قناعات راسخة لدى أنصار ترامب بتزوير الانتخابات، الامر الذي يضع الديمقراطية الامريكية على المحك، جراء انتشار ثقافة تشكك في مصداقية اللعبة الديمقراطية، وبالتالي فان الوقوف بحزم امام التجاوزات يشكل الخيار الأفضل، قبل استفحال الأمور، وخروجها عن السيطرة، الامر الذي يفسر وضع مقتحمي الكونغرس ”بالإرهابيين المحليين“.

يحاول الرئيس بايدن النأي بنفسه، عن إجراءات محاكمة ترامب، بهدف استقطاب بعض مؤيدي الرئيس السابق، خصوصا وان الانخراط في إجراءات المحاكمة يجلب الكثير من التداعيات، مما يكرس ثقافة ”المؤامرة“ لدى انصار ترامب، وبالتالي فان ترك القانون يأخذ مجراه يمثل الخيار المتاح، لترجمة تعزيز الوحدة الوطنية، بمعنى اخر، فان عملية تجاوز ارهاصات السنوات الأربع الماضية من إدارة ترامب، تتطلب الكثير من الجهد والمزيد من العمل، بهدف إعادة بناء ثقافة التسامح لدى الشعب الأمريكي، خصوصا وان ولاية ترامب ركزت على اعلاء شأن الثقافة العنصرية، على حساب بعض الفئات الامريكية المهاجرة.

التحركات السريعة التي اتخذتها إدارة بايدن، منذ اليوم الأول لدخول البيت الأبيض، تستهدف معالجة الكثير من السياسات السابقة، لاسيما وان التواني وعدم اتخاذ الإجراءات السريعة، يسهم في تعميق الجراحات في المجتمع الأمريكي، وبالتالي فان الإدارة الجديدة ستحاول انتهاج سياسات تسامحية بالدرجة الأولى، حيث يأتي قرار السماح بدخول مواطني الدول الإسلامية، احدى الخطوات الأساسية لاعادة روح ”التسامح“، في الثقافة الامريكية، فالسنوات الماضية أحدثت شرخا كبيرا في المجتمع الأمريكي، مما ساهم في زيادة جرعة الثقافة العنصرية، لدى شريحة من الشعب الأمريكي.

إدارة بايدن ستبقى تحت المجهر خلال ال 100 يوم الأولى من الرئاسة، من اجل اجراء تقييم شامل لمدى قدرتها على معالجة بعض الملفات الشائكة، التي تركتها إدارة ترامب السابق، لاسيما وان القدرة على تجاوز تلك الافخاخ، سيعيد بعض الثقة والتوازن، الامر الذي ينعكس إيجابيا في تجاوز المحن الكبرى، التي تواجه المجتمع الأمريكي حاليا.

تركيز بايدن على معالجة المشاكل الداخلية أولوية في المرحلة الراهنة، نظرا لصعوبة التوجه للملفات الخارجية، وترك الازمات الداخلية دون معالجة، وبالتالي فان إدارة البيت الأبيض ستجد نفسها مشغولة، في إيجاد المعالجات العاجلة للمشاكل الداخلية، وفي مقدمتها ملف كورونا، خصوصا وان إدارة ترامب لم تعط جائحة كورونا الاهتمام المطلوب، الامر الذي ساهم في تفاقم الأوضاع، وزيادة ضحايا الفيروس القاتل، منذ بروز على الساحة الدولية في أواخر عام 2019.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ر ع
[ القطيف / القديح ]: 27 / 1 / 2021م - 4:24 م
المتابع للشأن الأمريكي يعلم بأن لاجديد في ذلك
نرى التشنجات في كل فترة انتخابات حيث يعيش الجميع اجواء مشحونة تشبه إلى حد كبير الأجواء الطائفية لدينا لدرجة أنه لايستطيع البعض أن يقول أنه وضع صوته لمن خوفاً من ردات الفعل.

الغرب بشكل عام تكرست في داخله على مدى سنوات أن الخوف هو من النظام والقانون أي لا أخلاق ولا دين يردعه (تهميش الدين) بل النظام الوضعي هو المهم أي يعني متى ما انفلت النظام انفلت الناس

اليوم اذا كان السارق لايسرق خوفاً من النظام الوضعي فهذا يعني متى ماسنحت له الفرصة خفية سيسرق

وهذا نراه كثيراً في حال حدوث مظاهرات نرى تكسيراً للمحلات وسرقات

أكثر مايخيف هو انتشار هذا المفهوم في أوساطنا (المهم القانون وكل واحد حر بدينه) يعني لا لقانون ونظام الواحد الأحد بل النظام والقانون هو الوضعي ذو المزاج المتغير والمتشكل على دين الرئيس والحاكم والأحزاب...

هو المناسب!

كاتب صحفي