آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

رفقًا بالأرامل!

قيل في حكمة بيتٍ من الشعر أنه:

لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فرقة
وكل الذي دون الفراقِ قليلُ

هذا القليل هو في الواقع في حكم المعدوم، وأصعبه فراق أحد الزوجين للآخر. بالطبع ليس هذا الأمر مستغربًا لأن الأزواج يبدأون حياتهم غرباء ثم تقترب أرواحهم من الإتحادِ الفعلي. وعلى الخصوص إذا ما عاشوا في وئامٍ وحالفهم طول العمر وتشابكت عرى المودة بالأحفاد.

وقد أظهرت الدراسات الاجتماعية على آلافٍ من الأشخاص، الذكور والإناث، أن أخطر مرحلة بعد الوفاة هي الثلاثة الأشهر الأولى التي تحمل خطر وفاة الشريك الآخر. وأن الفاقد يعاني متاعب في الحياة تحتاج كمًّا وافرًا من الصبرِ والعزيمة لاجتيازها.

وفي هذه الدراسات تبين أن الرجل، وهو المشهور بنسيانه وخشونته - في الظاهر - يتأثر بهذا الفقد أكثر من المرأة. لأنه في الغالب يعتمد الرجال على زوجاتهم في شؤونِ حياتهم، ويستمدون منهنَّ العاطفةَ والحبّ في حياتهم معهنّ. كما ان المرأة تستطيع الفضفضة وإخراج الحزن وبثّ الشكوى للآخرين المقربين. أما الرجال فيحبسون أحزانهم بينما نارُ كَمَدهم تسعر وتوقد في الداخل. وبان أيضًا من الدراسات أن المرأة معرضة أكثر لخطر الموت باحتماليةٍ مرتفعة حين تفقد طفلًا لها، بغض النظر عن عمر الطفل.

كذلك لوحظ في كثيرٍ من الحالات احتمالية سرعة تدهور القدرات العقلية والعزلة عند كثيرٍ من الأرامل. وهنا لابد من تخفيف ألم الفراق وتقديم الرعاية والدعم لهم والتخفيف عنهم بالحديث والمشي وممارسة بعض الأنشطة التي تشغل وقتهم وتسليهم.

في كلِّ يوم يترمل إنسانٌ نعرفه، فنحن كلنا ملك الله وسوف نرجع إليه، وهو وحده من يعطينا صبرًا وأجرًا على قدر مصائبنا وتحملنا، ونحن من نفيض على بعضنا الشفقةَ والمساندة لكي يجتاز الفاقد مصاعبه ولا يستسلم سريعًا نحو حتفه ويتبع من يحب إلى المقابر.

ومن عجائب حب الأزواج أن الشرطة في بلجيكا، اكتشفت عن طريق الصدفة أن سيدةً في التاسعة والستين من العمر كانت تنام لمدة عامٍ كامل بجانب جثة زوجها المحنطة الذي توفي وفاةً طبيعية على سريره! وذكرت الشرطة أن هذه الحالة ليست الأولى التي يعثرون فيها على أناس يفضلون البقاء إلى جانب جثث أزواجهم في بيوتهم مدةً طويلة، ويرفضون الاعتراف بموتهم أو دفنهم!

مستشار أعلى هندسة بترول