آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

خطوات ذات أثر

هل يمكننا تغيير الواقع من حولنا والذي يتشكل من الأحداث والظروف والمواقف والعلاقات المتشابكة، أم أن الأمر مجرد فكرة تداعب مشاعرنا، إذ أن الواقع يتأثر بعوامل عديدة تبلوره، ومن الصعب أن يتغير لمجرد رغبتنا بالتلاعب به كالأزرار ليتوافق مع أحلامنا؟

الحقيقة أن الأمر ليس بالسهل الذي يمكن أن نغفل فيه حجم تأثيرنا ومدى قدراتنا على إحداث أي تغيير، ولكن هذا لا يعني الاقتناع بفكرة الوقوع في أسر الواقع والاستسلام للظروف كورق تتلاعب بها الريح لتقذفها أنى أرادت، ولكنه يمكننا استخلاص فكرة إيجابية لأنفسنا أولا قبل البدء في النظر للعوامل الأخرى، إذ الحديث عن الواقع بتعقيدات مشهده بأنه مؤلم أم مسعف بحسن الحظ أو غيره بعيد - كل البعد عن الحقيقة، وإنما هو إغفال لقيمة الإنسان العالية بما يمتلكه من فكر وإرادة لها تأثير كبير في تشكيل الواقع، وهذا التاريخ البشري ينبيء بما حققه الكثير من البشر لأهدافهم وحولوها لواقع له وجود وتأثير ملموس، وبعض هذه الغايات تحولت إلى إبداع لم يتوقع أصحابه أبدا أن يحدث هذا التأثير الإيجابي في حياة الناس لأجيال متعاقبة.

تحمل مسئولية ما نتخذه من خطوات وقرارات نعتقد مناسبتها للواقع، هو بداية الانطلاق في فهم مسار حياتنا وتحديد اتجاهاتها، فروح العبثية واللا مبالاة التي يتخذها البعض كذريعة وتبريرات لتقاعسه قيمتها الصفر من الناحية الرياضية، ولن تعود على صاحبها إلا بالخيبة والخسران مهما وفرت له من الاحتياجات، إذ أن شق طريق النجاح والإنجاز وتحقيق المكتسبات والحفاظ عليها يتطلب مؤهلات وقدرات وعمل مثابر ومواجهة للصعوبات، وما يواجهه من عقبات يتطلب في إزاحتها وتجاوزها إلى تأن وحكمة وتفكير وازن في الاحتمالات والنتائج المترتبة عليه، مع بذل الجهد والتحلي بقدرة التحمل للمتاعب لئلا يصاب باليأس وفقدان الحماسة لآماله.

القرارات المناسبة في حياتنا العملية والدراسية والأسرية والاجتماعية تتطلب قدرا من الفهم ومعرفة مهارات حل المشكلات واستيعابها ومواجهة الظروف الصعبة، كما أن النتائج والمردودات التي سيتحمل تبعاتها تستوجب منه الحيطة والحذر والترقب، إذ ليس كل قرار من السهل التراجع عنه والقدرة على تغيير المسار فيه، فعقارب الساعة وعجلة الزمن لا يمكنها أن ترجع للوراء لنحاول أن نغير في التفاصيل بما يتوافق مع رغباتنا، ولذا علينا التفكير بشكل جدي وبكل اهتمام في أي معضلة أو صعوبة نواجهها.

القرارات الصعبة والمصيرية تتطلب قدرا من فهم المسارات المستقبلية وحمل روح التضحية والصبر، فصبر أحد الزوجين على بعض التصرفات السلبية من شريك الحياة - مثلا - مع وجود القناعة والانسجام والمحبة، يعطي تصورا إيجابيا لهذه الشخصية في فهم الواقع وتجنب خط الخسائر الفادحة، ومثله التفكير في أي قضية اجتماعية نواجهها لابد من التعاطي معها بكل مهنية وجدية وبعيدا عن العواطف العمياء، فنضع الاحتمالات والنتائج المترتبة والخطوات العملية لإيجاد حلول ممكنة، فمن غير المجدي التعامل بروح الانفعالية أو الأفكار التهورية والتي قد تضخم المشكلة أو تأخذ الجميع نحو الدهاليز المظلمة.

خطوات التغيير الإيجابي على المستوى الفردي والمجتمعي تحتاج إلى التعامل معها بروح تحمل المسئولية والثقة والفكر الواعي والواقعي، وقد يحتاج تحقيق الأهداف إلى وقت مناسب لابد من مؤازرته بالصبر والتعايش مع الصعوبات بروح التحدي وإن واجهه سقوط في مرحلة ما.