آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

حملات التوعية

محمد أحمد التاروتي *

تبذل كافة الأجهزة الحكومية على المستوى العالمي، قصارى جهدها لرفع مستوى الوعي لدى المواطن، للتعامل الحذر مع وباء كورونا، باعتباره التحدي الحقيقي في المرحلة الراهنة، نظرا لقدرة الفيروس الفائقة على الانتشار الواسع، مما يهدد حياة ملايين البشر، ويزيد من الأعباء الثقيلة، التي تتحملها الحكومات منذ اكثر من عام، لاسيما وان الجرعات المكثفة للحملات التوعوية تشكل السلاح المتاح حاليا، خصوصا وان الأنظمة والإجراءات الصارمة ليست قادرة لوحدها من الحد من ارتفاع اعداد الإصابات، وتزايد الضحايا على المستوى العالمي، حيث تجاوزت ضحايا الفيروس القاتل حاجز 1,3 مليون شخص، منذ اكتشاف الوباء بمدينة ”ووهان“ الصينية.

تكاتف الجهود لنشر التوعية الصحية، واعتماد سياسة ”التباعد الاجتماعي“، عملية مستمرة وليست مقتصرة على برهة زمنية محددة، نظرا لاستمرارية الفيروس في الفتك بالارواح، واعلان حالة الطوارئ بعد دخول البشرية في موجة ثانية، وهناك مؤشرات لتعرض بعض المجتمعات لموجات أخرى، مما يفرض اعتماد منهجية التوعية المستمرة، لزيادة المستوى لدى المواطن، لاسيما وان التراخي والاستهتار يشكل العنصر الأساس، وراء سقوط الضحايا ف فخ ”العدو الخفي“، مما يستدعي تحريك كافة الأجهزة الحكومية، لوضع الجميع في الصورة الواضحة، واعتماد الأرقام الصحيحة، والابتعاد عن الضبابية وإخفاء الحقائق.

اعتماد الشفافية في التعاطي مع ازمة كورونا، يمثل احدى الوسائل الأساسية لوضع المجتمعات البشرية، في المسار السليم، لاسيما وان ابراز نصف الحقيقة لا يخدم بقدر، ما يؤسس لحالة الخداع الذاتي، الامر الذي يحدث تداعيات سلبية على المدى البعيد، فالشفافية قادرة على تحريك الضمائر الحية، وتحفيز الافراد على التفاعل الإيجابي، من اجل مساندة الجهات الحكومية للانتصار على الفيروس، والعمل على اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، خصوصا وان غياب الحقيقة لا يصب في تحقيق الاستراتيجية المشتركة، والمتمثلة في وضع المسارات السليمة للخروج من الازمة، والقضاء على الفيروس.

ارتفاع الوعي الاجتماعي احدى المحركات الأساسية، لخفض اعداد الإصابات وتخفيف الأعباء الثقيلة، التي تتحملها المنظومة الصحية في العالم، لاسيما وان انعدام الوعي وعدم تحسس الاخطار الكبيرة الناجمة، عن انتشار الفيروس في المجتمع، يدفع باتجاه الاستهتار والابتعاد عن الحذر، الامر الذي يفسر انخراط بعض الفئات في اختراق العديد من القرارات الحكومية، مما يتسبب في زيادة الإصابة بالمرض، وبالتالي فان وجود المحرك الذاتي عنصر أساسي، في ردع البعض عن ارتكاب الهفوات، والممارسات الخاطئة، مما يحدث حالة من المناعة الاجتماعية، بحيث يقود الى تناقص اعداد الإصابة.

الحملات التوعوية خطوة تكاملي، وساسية، لمجموعة التحركات الحكومية، فالعملية ليست مقصورة على جهود ”الكوادر الطبية“، وليست محصورة في الجولات الرقابية، لدى بعض الجهات الحكومية، ولا تقتصر على الأجهزة الأمنية لفرض منع التجول، بمعنى اخر، فان هذه الجهود تشكل سلسلة تتكامل مع بعضها البعض، بيد ان الوعي الاجتماعي يخلق الأجواء المناسبة، لتطبيق لتأخذ مختلف القرارات طريقها للتنفيذ، فالاحساس بالمصير المشترك، والخطر الكبير للفيروس، يدفع باتجاه التعامل بمسؤولية وطنية، لاسيما وان الاستهتار ومحاولة خرق القانون يكشف تدني مستوى الوعي، ويعطي إشارات سلبية بخصوص عدم قدرة الحملات التوعوية، على تشكيل ثقافة اجتماعية فاعلة.

الوعي الاجتماعي بامكانه تحقيق الكثير من الإنجازات على الأرض، خصوصا وان الإجراءات تستهدف حماية الأرواح بالدرجة الأولى، الامر الذي يتطلب تحركا جمعيا، باتجاه تفعيل الكثير من القرارات، والعمل على ترجمتها على ارض الواقع، لاسيما وان تفريغ الإجراءات والحملات التوعوية من محتواها، ينعكس بصورة مباشرة على اجمالي الإصابات، ويستنزف الكثير من الجهد والوقت، وكذلك زيادة الأعباء النفسية على الأجهزة الحكومية، وبالتالي فان الوعي الاجتماعي يمثل الرافعة الأساسية، لانتشال المجتمع من الخطر، وانقاذ الكثير من الأرواح، من السقوط في براثن الفيروس القاتل.

كاتب صحفي