آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

إضاءة روح

حكيمة آل نصيف

ورد عن الإمام السجاد : لكل شيء فاكهة، وفاكهة السمع الكلام الحسن»[1] .

في معترك الحياة نقابل أشخاصا تركوا بصمة جميلة في حياتنا، نتمنى لقياهم كل حين وفي المقابل هناك آخرون ما إن نلتقي بهم إلا ويداخلنا الكدر والهم، ونتمنى متى ينقضي ذاك اللقاء ولو كان عابرا.

لو تأملنا في الانطباع الذي يتركه كل شخص عن نفسه وما يقدمه من كلمات حانية حسنة تلامس شغاف القلب، وفي مقابلها ما يقدمها شخص آخر كلمات كالسهم الذي يخترق القلب بألمه، لتعرفنا كثيرا على أهمية الكلمة والإعداد لها قبل النطق بها.

لذا لا بد للمرء أن ينتبه لكل كلمة يتفوه لأنها إن خرجت لا تعود إلا بمردودها عليه وعلى من أمامه.

من كان كلامه ومنطقه حسنا كان محط محبة الآخرين وترحيبهم، لا يمل الناس حديثه بل يستأنسون بوجوده بينهم، كأنه البلسم الشافي لقلوبهم ومتنفس لهمومهم، وجوده راحة للنفس يفضي له الكثير من الناس بما يختلج في صدورهم من آلام ومتاعب الحياة، فيقابلها بكلمات عذبة جميلة قد يكون ذاك الشخص المهموم قد وصل لمراحل من اليأس والإحباط بسببها، ولكن كلمة دافئة حانية تنتشله من ذلك البئر المظلم ويعود لحياته بشكل طبيعي بل وأفضل من السابق.

وكم من كلمة تلفظ بها شخص محب لإنسان غافل أو متغافل فكانت كالجرس المنبه لمستمعها، فوعى ما هو فيه من ضياع وتشتت وأصلح من نفسه سواء مع الله تعالى أو مع نفسه أو مع أسرته ومجتمعه.

وفي مقابلها الكلمات القاسية واللسان السليط الذي يمشي صاحبه وكأنه حامل مشرطا يجرح كل من يقابله به، فلا يعرف للود والكلمات الجميلة طريقا، دائما لسانه يصل أذاه للقاصي والداني فلا يسلم منه أحد، ويهدم كل عزم وكل هدف فهمه الوحيد انتقاص الآخرين، وتبريره بأنه صريح ويبدي رأيه بوضوح وبدون مجاملة!!

ولا يعرف أنه بطريقته الهوجاء يكسر النفوس ويحطمها ويبتعد عن المبنى الإسلامي والمنهج الرسالي في توجيه النصح والإرشاد لإخوانه.

وحتى على سبيل المشاعر لا يبدي أي اهتمام بغيره ولا هو بالذي يعبر عن مشاعره لأسرته وأبنائه ومجتمعه، بل يحاول فرض وجوده بلسانه السليط وكلماته القاسية المؤلمة!!

وللأسف هو لا يفرض وجوده وإنما يفرض على الآخرين النفرة منه ومن لقياه، ولنا برسول الله ﷺ وأهل بيته القدوة الحسنة، في كيفية تحول بعض مخالفيهم من أشد المعاندين والمبغضين إلى أشد المدافعين عنهم والمحبين لهم من خلال الكلمة الصادقة الحكيمة الصادرة من قلوب نقية.

[1] «بحار الأنوار ج 75 ص 97»