آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

سكوتنا عن حقنا طيبة أم تشجيع؟ - سلسلة خواطر متقاعد

المهندس هلال حسن الوحيد *

أجزم أنك تعجز عن أن تعدّ المرات التي تغاضيتَ فيها عن المطالبة بحقك، رجلٌ لم ينجز ما وعد، ثانٍ أنجزَ ولكن أقلّ من المطلوب، ثالثٌ تأخّر في الوقت، رابعٌ وعدَ ثم أخلف، وفي النتيجة ضاعَ الكثير من جهدكَ ووقتك ومالكَ في متابعة هذا الأداء السيئ. ومع هذا في كلِّ مرّة تردّد ”مشِّيها“ و”اتركها لله“.

أظنّ أنَّ هذا النوع من السكوتِ المتكرّر عن سوءِ الأداء المتكرّر يضرّ بمن نريد أن ننفع أكثر مما ينفعه، ويضرّ بنا جميعًا. لأن أفضل دعاية للعمل الجيّد هي ما يتناقله الناسُ من الكلماتِ الطيّبة، وأسوء دعاية ما يتناقلونه من معاملاتٍ ناقصة أو مغشوشة. وبالتالي يخسر صاحبُ العمل إذا ما قصّر. وفي حين كان الغرض مسامحته وإعانته، فإذا بنا نضّره ونُفقره.

لا تَظلم ولا تُظلم، لا ضَرَر ولا ضِرار، وصايا في لغةِ العصر تعني لا تنهب الناسَ حقوقهم ولا تتركهم ينهبونكَ حقّك. وهذا ينطبق على القريبِ والبعيد. خذ حقَّك ولا تأخذ أكثر منه، ولا تكن ضرعًا يحلبهُ الآخرون، بدعوى الطِّيبة والسّكوت.

وعندما يسمع أو يعرف الناس انك أُضفتَ إلى مجموعة المتقاعدين، فمن المتوقّع الطَّبيعي أن يعتقدوا أنّك لا شغلَ لكَ سوى أن تنتظر، ماذا وراءك ولديك من الوقت ما تحتار ما تفعل به؟ في الحقيقة، لا فارق بين هؤلاء الذين نتعامل معهم وتروعنا وتعجبنا معاملتهم وبين من نكره أن نتعامل معهم مرةً أخرى، إلَّا أنّ الصّنف الأول من النَّاس آمنَ بحسنِ النَّتيجة فأحسنَ في العمل. والصّنف الثاني لم يخش أن يقاطعه الناس ويجتنبون معاملته فواصلَ طريقته السِّيئة في العملِ والأداء.

الصّنف الثاني يشبه الفاكهاني الذي تعاملتُ معه مدَّةً طويلة، وبِزعم الطيبة، كنت أسأله كلّ مرة: كيف ترى الفاكهةَ اليوم؟ وكان جوابه على الدوام: أحسن فاكهة في العالم. مع أنها في كثيرٍ من الأيّام كانت غير جيِّدة، وعندما تحتجّ زوجتي على ردائتها، الجواب الحاضر هو: ”مشيها“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
نقاء السماء
[ تاروت ]: 21 / 3 / 2021م - 7:18 م
أحسنت الأخ الفاضل ،،لكن
ماذا لو ظُلم الإنسان من أقرب الناس إليه ،،سواءً كان هذا ( الأقرب ) عمَّاً أو خالاً أو أخاً ،، وتمادى في ظُلمه ؟؟؟
أيشتكي عليه ؟ ويُوصِّل الموضوع الى المحاكم ؟؟
وينتهي الأمر الى العداوة والقطيعة ؟؟ أم يسكت ويصبر ويُسلم أمره الى الخالق العادل الذي لايضيع عنده حق؟؟
أعتقد إن الإجابة بيد الشخص المعني ( المظلوم )
وعند الله تجتمع الخصوم .
2
أبو حسين
[ القطيف - تاروت ]: 24 / 3 / 2021م - 12:14 م
أحسنت أبا علي على طرقك لهذا الموضوع.. نعم كم منا تسامح مع الآخرين في تأدية العمل المتفق عليه في السعر والجودة والوقت.. ربما غالبيتنا قد عانى من المقربين له أكثر من غيرهم في سبيل تمشية الأمور وعدم الإخلال بعلاقة الود والإحترام، وكظم غيضه في نفسه، وكما قال الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند.. شخصياً وإن تسامحت عن حقي، فلن أفرط في من إستنصحني وإءتمنني (طلب مني النصيحة) في كيفية تعاملي مع هذا أو ذاك، فلا بد لي أن أعطيه الحقيقة، فعملك هو مرآتك والطريق الى نجاحك.. لا تقل لي أنك ستتعامل مرة مع هذا الزبون الذي لا تعرفه ولن يأتيك بعدها، فالحقيقة أن الزبون الآخر قد يأتيك بسبب توصية من هذا الذي لا تعرفه.
مستشار أعلى هندسة بترول