آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

وداعا اسطورة كرة القدم «16»

عبد العظيم شلي

إيه يا نادي برشلونة فتاك المدلل كيف تتعامل معه؟ بحب لامتناه، أم بحب مشروط ومقنن، وكيف السبيل لضبط ايقاع الفتى الجامح الطامح لذرى المجد؟

نجم ساطع، موهبة فذة، مايسترو ماهر، رسام باهر، فنان في حومة الميدان، كل ذلك وأكثر، امكانياته أعلى من كل اللٱعبين وابعد، لاعب بلا حد، إنه منظومة لعب ليس له مثيل.

أيزعجك نزقه المتصاعد حماسة ومشاغبة، وعناد ومكابرة، أمن احد قادر أن يخفف من غلوائه ويتناسى شطحاته، وكيف السبيل لإخضاعه لبيت الطاعة، اسوة بزملائه اللاعبين، أبمثله يعامل كتلميذ في حجرة مدرسة؟

ويطلب منه أن يقف لرئيس النادي ويوفيه التبجيلا!، ام يترك سدى يفعل ما يحلو له؟

إن اشكالية الفتى ليست منحصرة فقط تجاه نهج فرد بعينه او عدم توافقه مع سياسة إدارة النادي المتجهة نحو مزيد من الحزم والانضباط، بل ممتدة الى خارج اروقة النادي حيث ضغوط الساسة الكتلونيين ومطالبته بتحقيق الانتصارات لرفع راية الاقليم في كل منازلة، تقابلها معاناته المستمرة مع كل مباراة يخوضها، حيث يواجه صعوبات جمة، تتمثل في صلابة متعمدة من قبل بعض اللاعبين الذين يتربصون له بالمرصاد، يضيقون عليه الخناق بشتى الطرق بكرة او بدون كرة، ولا يكتفون بمنعه من التقدم باللعب بل يسعون لإيذائه بخشونة زائدة ومن ورائهم حكام متخاذلون.

بين الابداع ووأده، يعيش الفتى ريعان صباه، يعيش حلبة صراع من كل النواحي داخل الملعب وخارجه.

مارادونا تسري في عروقه دماء الهنود الحمر من جهة ابيه فهو من سلالتهم، السكان الاصليون لموطن بلاده وما جاورها،

الموصوفون ببنية جسمانية وشدة بأس، هو حامل جينات غضبهم، وكل الارث الدموي التي تعرض له اسلافه على يد المستعمر ”كرستوفر كولمبس“ الاسباني وجنده الذي ينتصب تمثاله في احد ساحة مدينة برشلونة والذي يشير بيديه للانطلاق نحو البحر لغزو الامريكتين، فكل موروثات القهر التي تعرض لها اجداده انعكست على نفسيته شططا وانفعالا، وبدأ في الواجهة الاقتصاص فضفضة من غضب ضد رئيس برشلونة «خوسيه نونيز»، وعدم استجابة لأوامر المدرب الالماني «يودو لاتيك»، وما بينهما شراسة لعب من الثيران الاسبانية، لاعبون قساة ارجل وغلاظ قلوب.

ردات فعل الفتى اخذت منحى لأثبات الذات في وجه كل الصعاب، ومواجهة كل التحديات وسخط في وجه اصحاب الياقات الأنيقة، بعدم الاذعان لأي احد منهم، ولن يسلم امره على ريشة إوزة بيضاء كما فعل زعيم تلك القبيلة الهندية، الذي تنازل لجنود الغزاة وباع الأرض جراء وثيقة ظالمة وقعها بريشة طائر، وعندها طار كل شيء.

الحفيد يريد الانتقام من التاريخ المأساوي لأسلافه باي صورة كانت، ولن يقدم كيانه مشاعا للمحتل الجديد.

هو يريد أن يكون سيد نفسه، يعبر عن مكنونات ذاته، يمارس ما يحلو له دون حسيب ولا رقيب.

انطلاقة وتحرر وعصيان تقود الفتى للتمرد في وجه كل من يقف امام طريقه، أو ينال منه تصريحا او تلميحا، او لمزا وغمزا.

لا انقياد تحت اوامر مسؤول ولا انصياع لرئيس ناد ولا حتى احترام أمام حضرة ملك البلاد.

يريد أن يمارس الكرة بحرية مطلقة كطفل مدلل، ويستعرض مهاراته بفن وابداع، بعيدا عن التهور وصلافة القساة.

بين سياسة ناد حازم وأذية لاعبين، يعيش حالات من التجاذبات، فوضى في التعامل وفوضى خلاقة باللعب.

المفارقة تتلون بتضاد عجائبي، ظن من اشتراه بالمال قد ملكه، وأنه سيكون الخادم المطيع، لا طاعة لرئيس يزدريه ويعامله تحت مفهوم العصا والجزرة، وينظر إليه مجرد صبي يساق حيث يأمر، كعبد مملوك، مجرد من كل المشاعر والاحاسيس، مسلوب الشخصية، يؤمر فيلبي النداء!.

ظنون كنستها الريح، قابلهم الفتى الذهبي الند بالند.

يقول في كتابه:

أنا دييجو مارادونا، ”بعد المونديال بدأت حقيقتي مع برشلونة بالنسبة لي كان افضل فريق في العالم، لكني لم أعرف ثقافة الكتلونيين، لم أتخيل وجود شخص مختل مثل رئيس برشلونة آنذاك“ خوسيه نونيز ”كان يمد رأسه أمامي كي يظهر في الصور، كان يقود حملات ضدي عبر الصحف، بعد الهزائم كان يدخل علينا غرف الملابس ويبكي ويعرض علينا المزيد من الأموال، كان يعتقد أن الفوز والخسارة امور مرتبطة بالمال فقط“!.

بلا شك ايها الفتى، المال ليس كل شيء، ربما يحل مشكلات وقتية لكنه لا يصنع ثقافة لعب متكاملة، كثير من المسؤولين في أكثر من بلد اغدقوا الاموال الطائلة تحفيزا لمنتخباتهم واتت النتائج عكسية، ولو كان المال يصنع لعبا متقدما، لأصبحت أمريكا الاولى عالميا في لعب كرة القدم، وكما هو معروف بأنها الاقوى اقتصادا في العالم وتصنف بأنها الاضعف في مجال كرة القدم، وكم دفع مسؤولو الرياضة بخطط طويلة الأجل بدء بعراب السياسة الامريكية ”كيسنجر“ وغيره من علية القوم الذين لم يألوا جهدا لخلق بيئة شعبية حاضنة للعبة، فقاموا باستجلاب لاعبين مشهورين لإبراز واعلاء مكانة ”نادي كزموس الأمريكي“ ليتسيد اللعب ليس امريكا فحسب بل ارادوه على مستوى العالم! لكن كل الأحلام تبخرت، ومعها رحل حلم صنع منتخب قوي لبلادهم، أي قوة للدولار مقابل عملات كثير من الدول النامية التي لديها لاعبين موهوبين لم لا يصنعهم المال، كم حاول الامريكان فعل المستحيل وكل محاولاتهم لإبراز انديتهم والمتخبات السنية بائت بالفشل، لازال دوري كرة القدم لديهم اشبه بنكرة في عالم الكرة، لكنهم يعبثون بالكرة الأرضية فسادا، ويتقاذفونها بالحديد والنار!.