آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

صراعات عبثية

عبد الرزاق الكوي

ابتليت البشرية على مر العصور بصراعات وحروب وفتن كثيرا منها مفتعل وتخفي في طياته أطماع وأحقاد وطائفية وغيرها من الأسباب، كان ولايزال بالمقدور تجنب الكثير منها ومعالجة بعضها إذا فعل العقل والحكمة ووضعت المصالح العامة فوق الاعتبارات الأخرى، ما ينفق على هذه الصراعات والحروب كفيل أن تنعم به جميع البشرية بالرفاهية والحياة الكريمة من صحة وتعليم وسكن وأمن وأمان وحفظ لأرواح بريئة عذبت وقتلت وشردت.

هذه الحالة المزرية التي تعيشها الإنسانية ليس قدرا منزل، بل أيدي تلعب بمقدرات العالم غاب عنها الضمير وأصبح العالم تحكمه شريعة الغاب يأكل القوي فيه الضعيف، يتمتع فيه القوي برغد العيش في ظل آخر يقتل ويشرد ويهجر ويعذب وتهدم بيوت وأرزاق الملايين الذين ليس لهم ناقة ولا جمل في تلك الصراعات العبثية، بخلق بؤر للصراعات وتغذيتها بالطائفية والدينية والمشاكل الحدودية وغيرها من المسميات، وفي خضم هذه الصراعات يعلو صوت الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والعدالة ممن يتسببون بإشعال هذه الصراعات على المستوى العالمي.

وهذه الأمور في تصاعد مستمر في تفعيل مبدأ القوة والفتن لتعيش البشرية مزيد من الرعب وعدم الاستقرار، كل ذلك من أجل نظام عالمي جديد، عالم من الرخاء والرفاهية لنوعية خاصة من البشر، يرسم هذا الواقع حسب مقاسات مراكز القوى العالمية، والشركات المتعددة العابرة للقارات، تتحكم في مصير العالم بعيدا عن كل إنسانية بلا وازع انساني تذهب أرواح الملايين بدماء باردة لا يحرم لها ساكن.

فالقوى العظمى بتكنولوجيتها تحاول أن تملك العالم أرضه وفضاءه، هذه العقول الجبارة لو استخدم قليلا منها لخير البشرية لعم السلام أرجاء الارض، لكن طمع الإنسان جعله يقتل الآخر ليتمتع بالرفاهية والحياة الرغيدة، ضاربين بالعرض والطول لكل المبادئ والأعراف والقوانين التي تكفل الرحمة للمعذبين في الأرض، وبدون حياء او خجل يلهج الاعلام المضلل دفاعا عن حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية والتدخل، يتدخلون في شؤون دول مستقلة لزعزعت كيانها وتهديم بنيتها التحتية بمثل هذه الحجج.

لم تسعى هذه القوى في تاريخها الحاضر في يوما ما إلى عمل وحدوي، أو فعل إنساني يخدم الإنسانية، بل مشروعهم المشهور فرق تسد، وتفكيك العالم وتجزئتها لإضعافه والسيطرة عليه، إذا لم تنفع الحروب العسكرية، فالحرب الناعمة، او الحروب والحصار الاقتصادي، والضغوطات الإعلامية.

هذه الأفعال التي يصل بعضها إلى جرائم الحرب والتطهير والقتل على الهوية، تتردى فيها الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لدول كثيره كانت في الأصل تعاني من ضنك العيش وقلة الموارد، زادتها الأفعال اللإنسانية هما على همها، وبؤسا على بؤسها، ودمارا بلا حدود لبنيتها الاقتصادية، في ظل صمت مطبق من المحافل الدولية التي تقف عاجزة عن تحريك ساكن في ظل هيمنة تلك القوى حتى على المحافل الدولية، كل أفعال المحافل الدولية تدور في حلقة مفرغة، قضايا مصيرية صغيرة تتراوح مكانها سنوات طويلة بين أخذ ورد تظل بدون حل للتراكم مصاعب الحياة وتتراكم معها قضايا أخرى مستجدة.