آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

عادات القطيف الرمضانيَّة - هل من يوثقها في كتاب؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

يتغير طعامُ الأجسام في منطقةِ القطيف عبر السنين، ويبقى غذاءُ الرّوحِ كما هو عامًا بعد عام! غذاء أرواح أهل المنطقة في شهر رمضان القرآن والدّعاء والتَّراحم والوصال. غذاء يفيض حتى يصلَ فيضه الأموات ويشملهم بالرَّحمات والدَّعوات.

منذ قديم الزمان اختصت منطقتنا - القطيف ومدنها وقراها - بعاداتٍ رمضانيَّة، بعضها يوجد له مثيلٌ في مجتمعاتٍ أخرى، والكثير انفردت به، وكان خاصًّا بها. هذه العادات من أجلها يعود المسافرون لصيام شهرِ رمضان في بلادهم، ويؤخر من ينوي السَّفر سفره لما بعد شهر رمضان.

القرآن، الدعاء، صلة الأرحام، المجالس الرمضانيَّة، العناية بالفقراء، ليالي القدر، حضور المساجد وعشرات العناوين تصلح لأن يتناولها كتَّاب المنطقة في كتابٍ يفصِّل ويؤرخ هذه العادات الجميلة الَّتي يتوارثها الأجيالُ عن أمهاتهم وآبائهم. حقًّا، إنها تستحق من الكُتَّاب والمؤرِّخين أن يوثقوها في كتاب يسمونه ”عادات أهل القطيف في شهرِ رمضان“.

مجالسهم عامرة ويتضخم عددها في شهر رمضان، كلها تقرأ ما لا يقل عن جزأين من القرآن يتلوها درسٌ فيه أحكام الصِّيام وتذكر المناسبات التاريخية والحوادث في شهر رمضان وأعمال ليالي القدر. ويغلق مجلس كل ليلة بتلاوة دعاء الافتتاح وتشكيلة جميلة من الأدعية التي يرجون اللهَ فيها ببلوغ الحج والعود لشهر رمضان القادم وغيرها من طلباتِ الدّنيا والآخرة.

أما المساجد فحدث ولا حرج، فهي تسعد بكثرةِ الحضور في جميع الصلوات، وعلى الخصوص صلاة العشائين ودورات قراءة القرآن، روادها الشيوخ والكهول والصبية الصغار. ينتظمون في كلِّ ليلة فإذا ما جاءت ليالي القدر غصَّت بهم المساجد حتى ساعات الفجر. وفي كل المساجد يفطر الصائمون - وكل من حضر من الغرباء - على تشكيلةٍ من الطعام تجود به أيديهم جميعًا، كما هو الحال في تبادل الطَّعام بين نساء الجيران قبيل الغروب!

مقابرهم عامرة كل عصر بزيارة أحبائهم الأموات، وفي الليل ترتاح نفوسهم لزيارة أقاربهم وأرحامهم الأحياء، فكل متعادٍ يتصالح في شهر رمضان وتطيب نفسه. يؤثرون على أنفسهم برعاية المحتاجين في جمعياتهم الخيرية ودورات المسابقات الرياضية ريعها لصالح الفقراء والمساكين. قلما يفطر أحدهم دونما ضيف من العائلة والأبناء على أكلٍ متنوع ومعتدل دون إسراف وتبذير. وبعضهم اعتادَ تخصيص ليلةً أو أكثر يفطر عنده جمعٌ غفير من الصائمين.

قد يبدو هذا السَّرد مبعثرًا ومختصرًا، والحقّ أنه كذلك، لأن الغرض منه أن يَبني عليه القادرون بناءً أشدَّ وأقوى، ويخرجونه في حلة قشيبة تليق بمنطقة القطيف.

مستشار أعلى هندسة بترول