آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

تأملات رمضانية 18

محمد أحمد التاروتي *

التوجه بالدعاء الى الخالق امر مطلوب، سواء أوقات الشدة وزمن الرخاء، فالله يحب ان يسمع صوته عبده على الدوام، اذ لا توجد حجب تمنع وصول صوت العباد، فضلا عن كون الدعاء احد الأسلحة المتاحة في جميع الأوقات، بيد ان هناك بعض الأوقات يستجاب فيها الدعاء، مثل أيام الجمعة، وشهر رمضان، وكذلك اثناء العبادات على اختلافها، فضلا عن الدعاء عن كوّن الدعاء في الأماكن المقدسة، يختلف عن الدعاء في غيرها من الأماكن، ”عليكم بالدعاء، فإنكم لا تقربون إلى الله بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار“، ”يا موسى، سلني كل ما تحتاج إليه، حتى علف شاتك، وملح عجينك“، ”سلوا الله عز وجل ما بدا لكم من حوائجكم، حتى شسع النعل فإنه إن لم ييسره لم يتيسر“.

التذلل والانكسار من اداب الدعاء، ”أنا عند المنكسرة قلوبهم“، فالاعتراف بالخطايا والاقرار بالذنوب والتذلل امام الخالق، مقدمات لاستجابة الدعاء، لاسيما فيما يتعلق بالإقرار بالضعف والاستكانة، فالانسان مهما بلغت سطوته وقدرته وجبروته، يبقى ضعيفا امام خالق الكون، مما يجعله متصاغرا ذليلا امام رب العباد ”ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين“، وبالتالي فان الدعاء سلاح يكشف الضعف الشديد للإنسان، والرغبة في الحصول على العون، من خالق السموات والأرض.

شهر رمضان بما يمثله من عبادة، فرصة كبرى للصائم للتوجه الدائم بالدعاء الى الله، من اجل تقبله صيامه، وشموله بالمغفرة والرضون والعتق من النيران، خصوصا وان ساعات الصيام تعتبر من افضل الساعات، التي يستجاب فيها الدعام، نظرا لكون الصائم في عبودية نتيجة الالتزام بفريضة الصيام، مما يجعله اكثر قربا من الطاعات واجتناب المعاصي، جراء الامتناع الطوعي عن الاكل والشرب، الامر الذي يجعل الصائم في حالة صفاء روحي، ورغبة صادقة في التوجه للخالق، في هذه الساعات القليلة، ”إن هذا الشهر شهر فضله الله على سائر الشهور كفضلنا أهل البيت على سائر الناس وهو شهر يفتح فيه أبواب السماء وأبواب الرحمة ويغلق فيه أبواب النيران وهو شهر يسمع فيه النداء ويستجاب فيه الدعاء ويرحم فيه البكاء“، ”الدعاء كهف الإجابة كما أن السحاب كهف المطر“.

الإخلاص في الدعاء عنصر حيوي في استجابة، باعتباره المفتاح الأساسي في الاعتراف الصادق، بالانكسار الشديد امام عظمة الله، في أوقات الرخاء والشدة، فالقرآن يتحدث عن حالة الانفصام في التقرب الى الله، حيث يتوجه البعض الى الباري في أوقات الشدة للاستجابة من العذاب، ولكنهم سرعان ما يعودوا الى السيرة السابقة، والابتعاد عن الله والكفر مجددا، ”فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ“، وبالتالي فان الإخلاص في العبادة، يشكل احد العناصر الأساسية، في التلذذ بسلاح الدعاء، ”إذا ذكر العبد ربه في الرخاء أنجاه الله من البلاء“.

تلمس الصائم أسباب الاستجابة في شهر رمضان المبارك، يحفزه على زيادة الجرعة في الدعاء، انطلاقا من مبدأ ”الفرص تمر مر السحاب“، فالتغافل والتراخي في استغلال هذه الساعات، خسارة كبرى على الصائم، لاسيما وان الرغبة في الفوز بالرضون، وغفران الذنوب، محرك قوي باتجاه رفع الاكف نحو السماء، للخالق في جميع الشؤون، ”وهو شهر فيه ليلة نزلت الملائكة فيها من السماء فتسلم على الصائمين والصائمات باذن ربهم إلى مطلع الفجر وهي ليلة القدر فيها ولايتي قبل أن خلق آدم بألفي عام صيام يومها أفضل من صيام الف شهر والعمل فيها أفضل من العمل في الف شهر“.

”أيها الناس: إن هذا الشهر شهر فضله الله على سائر الشهور كفضلنا أهل البيت على سائر الناس وهو شهر يفتح فيه أبواب السماء وأبواب الرحمة ويغلق فيه أبواب النيران وهو شهر يسمع فيه النداء ويستجاب فيه الدعاء ويرحم فيه البكاء وهو شهر فيه ليلة نزلت الملائكة فيها من السماء فتسلم على الصائمين والصائمات باذن ربهم إلى مطلع الفجر وهي ليلة القدر فيها ولايتي قبل أن خلق آدم بألفي عام صيام يومها أفضل من صيام الف شهر والعمل فيها أفضل من العمل في الف شهر“.

كاتب صحفي