آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

بيوتنا في الصَّيف مكيِّف لكلِّ طفل - سلسلة خواطر متقاعد

لم نكن محظوظين في ذلك الجيل كما هو الآن، لا مكيِّف هواء ولا مروحة بل انتظار التَّعب من الحرّ والرّطوبة ثم النّوم، وفي بعضِ الأوقات نتشارك مروحةً واحدة مصنوعة من خوصِ النخيل. كل هذا ونحن أنصاف عراة يقتات البعوضُ على ما يسلبه من راحتنا والنهش من أجسامنا بينَ غفوةٍ وأخرى، أما ذاك الذي لديه سطح ينام فوقه دونَ أن يتدحرج منه إلى الأرض فهو في عيشةٍ راضية!

بعد سنواتٍ أكرمتنا الحياةُ بواحدة من مراوح السَّقف الطنَّانة، تصدر صوتًا مثل طنينِ الذّباب المزعج من طراز ”TAT“ زرقاء اللون، كلما دارت في السَّقف خفنا أن تسقطَ فوقَ رؤوسنا. كانت نقلةً نوعية حين استمتعنا بهوائها في ظهريَّات وليالي الصَّيف الحارَّة.

كانت حالةً - عامَّة - من البؤس يرثى لها، واليوم للأسف انتقلنا للضفَّة الأخرى من الاسرافِ والترف، إذ في كلِّ بيت يلعب طفلٌ واحد أو ينام وله مكيّف هواء لا يتشارك فيه مع الأطفالِ الآخرين، ثم نشتكي من فاتورة وكلفة الكهرباء!

لو يدرك الأبناء والبنات كم كلفة هذا الترف على الوالد أو الوالدة أو الاثنين معًا، لتوقفوا عن هذا الدَّلع والاسترخاء، في حين أن هذا المال هو مستقبلهم الغذائي والتَّعليمي والسَّكني والصحِّي، وكلمَّا هو ضروريٌّ في حياتهم.

أعانَ اللهُ الأسر على كلفةِ الكهرباء في فصلِ الصَّيف وإجازته الطويلة في حين نام الصِّغار طول اليوم وسهروا طولَ اللَّيل وكلّ واحدٍ وواحدةٍ منهم يشتهي الاستقلالَ بمفرده. صيفنا حارٌّ جدًّا، لكنَّ هذا الحرّ لا يمنع من التوفير فقد وردَ في الحديث: ”سمعت رجلًا يقول لأبي عبد الله : بلغني أنّ الاقتصاد والتَّدبير في المعيشة نصف الكسب؟ فقال أبو عبد الله : لابل هو الكسب كله، ومن الدِّين التَّدبير في المعيشة“.

مستشار أعلى هندسة بترول