آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

لمن عزموا الطَّلاق تريثوا قليلًا!

المهندس هلال حسن الوحيد *

الكثير من حالاتِ الطَّلاق والفراق - في مجتمعنا - هي وليدة لحظات غضبٍ وانفعَال. لحظات تستعر فيها نارٌ تأكل ما اخضرَّ منها في سنوات. إلا أن تجربةً صينيَّة جديرة بالتَّطبيق عندنا وعند غيرنا قد تساهم في تبريدِ العواطف الهائجة ومن ثم تقلِّل من حالاتِ الطَّلاق!

أوجبت حكومةُ الصِّين أن ينتظرَ الزَّوجان مدَّة قبل السَّير في خطواتِ الطَّلاق وسمّوها ”فترة تبريد إجبارية“. وفعلًا كانت النَّتائج رائعة، بحيث انخفضت نسبة الطَّلاق عندهم ”72٪“. إذ تحتَ قانون مدنيّ دخل حيِّز التنفيذ الأوّل من يناير 2021م، لابدَّ أن ينتظر الزَّوجان مدَّة شهرٍ واحد بعد إيداعهمَا طلب الطَّلاق وبعدها تبدأ السّلطات بمعالجة طلبهما، يستثنى منها حالات العنفِ الزوجيَّة. وإذا لم يحضر الأزواج لموعدين بين 30 و60 يومًا بعد التقديم، فسَيلغى طلبهم تلقائياً.

مع كون الطَّلاق أبغض الحلال، لابد من تجربة جميع الوسائل الإصلاحيَّة، بما فيها نقل تجارب المجتمعات مسلمةً كانت أم كافرة. كل ذلك لأننا أصبحنا في زمنٍ تُكتب فيه - بعض - عقود الزَّواج ليلًا، فلا ينبلج الصّبح إلا بافتراق؛ أفليسَ هذا من العبثِ الظَّاهر؟! ولأنَّ ظاهرة الزَّواج السَّريع والطَّلاق السَّريع استشرت في الصِّين، فهم أدخلوا هذا القانون - فترة التهدئة - الذي لعبَ دورًا هامًّا في الحدّ من حالات الطَّلاق. وتقول هذه الدِّراسة أن البيانات الرَّسميَّة الصينيَّة سجَّلت فقط 296 ألف حالة طلاق خلال الأشهر الثَّلاثةِ الأولى من العام 2021م الجاري، انخفاضًا من 1,05 مليون حالة طلاق في الرّبع السَّابق، و1,06 مليون حالة طلاق في نفسِ الفترة من عام 2019م.

كم من القرارات الخاطئة التي ياخذها رجالٌ أو تأخذها نساءٌ في لحظةٍ غير مدروسة، ثم يندمونَ عليها؟ لهذا فإن أرقى ما يمكن أن يحصل في مجتمعنا في هذا الباب تسهيل حالاتِ الزَّواج بقدر ما أمكن إن توفرت فيها الشّروط، وتصعيب حالات الطَّلاق - غير الضَّروريَّة - قدر الإمكان، لعل خيرًا يحصل في مدَّة الانتظار، فماذا من الممكن أن يحصل بعد هذه المدَّة أسوأ من الطَّلاق؟! وبالإمكان أيضًا إحالة طلبات الطَّلاق في فترةِ الانتظار إلى لجانٍ اجتماعيَّة مختصَّة من ذوي الخبرة من أجلِ المساعدة في معرفة أسبابها الحقيقيَّة، ومن ثم حلّها إن أمكن.

لنجرِّب جميعَ الوسائل قبل أن نحكم بأن الحياة لم تعد محتملة بين الزَّوجين، وأن التَّجربة فاشلة ولا تسير في الاتِّجاه السَّليم الذي يخدم حياتهما ومسؤوليتهمَا أمامَ الله، وبعد ذلك يصّح فيهما ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً.

مع ملاحظة أنه من الجائز أن تكون هذه الفكرة مطبَّقة فعلًا في محاكمنا، في قضايا الطَّلاق، دون أن يكونَ لي علمٌ بها وبحصيلة فوائدها، إن كانت هناك من فوائد!

مستشار أعلى هندسة بترول