آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

علاقة الفلزات الثقيلة والمعادن الأساسية أثناء الحمل باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد لدى الأطفال

عدنان أحمد الحاجي *

8 أبريل 2021

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم : 140 لسنة 2021

Heavy metals and essential minerals during pregnancy and associations with ADHD and autism in children

08,04.2021

ملوثات البيئة يمكن أن تؤثر في تطور «نماء» الأطفال حتى وهم في رحم أمهاتهم. من المعروف أن العديد من الفلزات الثقيلة، مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ والكادميوم، تتداخل مع تطور الدماغ ويمكن أن تصل إلى الجنين عبر المشيمة. وهو الحال أيضًا بالنسبة للمعادن، مثل المنغنيز والسيلينيوم والنحاس، والتي لو كانت بجرعات كافية تكون هامة للتطور الطبيعي لدماغ الجنين، في حين يمكن أن تكون المستويات المنخفضة جدًا أو المرتفعة جدًا ضارة. كان سؤال البحث في هذه الدراسة هو ما إذا كان أي من هذه المواد يمكن أن تزيد من احتمال الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو التوحد عند الأطفال. هناك القليل من الدراسات التي بحثت في الفلزات والمعادن أثناء الحياة الجنينية وعلاقتها باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو التوحد عند الأطفال. الفلزات الثقيلة والمعادن قيست في دم الأم أثناء الحمل في 2136 أمًا نرويجية.

دراسة مجموعة الأب والطفل Father and Child «والمعروفة ب MoBa» حيث تم تشخيص 705 من الأطفال باضطراب نقص الانتباه، فرط الحركة، وتم تشخيص 397 بالتوحد، ولم يُشخص 1034 بأي من الاضطرابين. بينت الدراسة أن مستويات بعض الفلزات والمعادن الثقيلة كانت مرتبطة باحتمال مرتفع للإصابة بنقص الانتباه وفرط الحركة أو التوحد أو كلا الاضطرابين. في بعض الحالات، ارتبطت المستويات المرتفعة والمنخفضة [من هذه الفلزات والمعادن] في دم الأم بزيادة الاحتمالات بالاصابة، مقارنة بالمستويات الطبيعية. أخذت هذه الدراسة أيضًا في الاعتبار العوامل الأخرى التي يمكن أن ترتبط بالتعرض للفلزات والمعادن والتشخيصات النمائية، مثل تعليم الأم والعمر وكم مرة حملت الأم وولدت parity وتناول المأكولات البحرية والتدخين وجنس الأطفال وسنة الميلاد.

حتى بعد أخذ العوامل الأخرى بالاعتبار، كان هناك احتمال متزايد للتشخيص بالتوحد في حالة وجود كلا المستويين الأعلى والأدنى للرصاص في دم الأم، بالإضافة إلى الاحتمال المتزايد للتشخيص بالتوحد في حالة ارتفاع مستوى الزرنيخ. بالنسبة لاضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، كان هناك احتمال متزايد للتشخيص في حالة وجود كلا المستويين المنخفض والعالي من الزرنيخ. مستويات الكادميوم العالية تترافق مع الاحتمال المتزايد للإصابة بكل من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد، مقارنةً بالمستويات الدنيا منه.

لدى الأطفال المولودين من أمهات لديهن مستويات منغنيز منخفضة وعالية احتمال متزايد ليكون لديهم اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة. بين الأطفال من أمهات لديهن أعلى المستويات من المنغنيز «مقارنة بمن لديهن أدنى المستويات»، هناك احتمالية متزايدة أن يكون لديهم توحد.

هناك فجوة معرفية فيما يتعلق بكيف تؤثر الفلزات والمعادن على الدماغ المتطور

يتعرض السكان يوميًا، بمن فيهم النساء الحوامل والأطفال الذين لم يولدوا بعد، لآلاف المواد الكيميائية. ما زلنا لا نعرف إلّا القليل عن كيف يؤثر هذا التعرض لهذه المواد على تطور دماغ الجنين. نحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لاكتساب المعارف بشأن العلاقة السببية بين ملوثات البيئة وتطور الدماغ، كما يقول ثيا سكوغهايم Thea Skogheim وغرو ڤيلانغر Gro Villanger، وهما اثنان من الباحثين في الدراسة.

من الجدير بالاهتمام التأكيد على أن الترافق الذي وجد في الدراسة هو على مستوى مجموعة الفلزات والمعادن وأن العوامل التي لم تُدرج قد تكون أثرت في النتائج. وبالتالي، لا يمكن للمرء أن يدعي أن هذه الفلزات والمعادن هي سبب مباشر لاضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد. هناك العديد من العوامل المختلفة التي تؤدي إلى تطور هذين الاضطرابين، حيث تعتبر الوراثة مهمة على وجه الخصوص. ومع ذلك، من المحتمل أن يكون هناك تفاعل معقد بين الجينات والعوامل البيئية، كملوثات البيئة.

الدراسات السابقة

ركزت الدراسات السابقة في هذا المجال بشكل أساسي على الفلزات الثقيلة الأكثر شهرة والأكثر سمية، كالرصاص والزئبق. لقد استندوا أيضًا في أبحاثهم على أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة التي أبلغ عنها الآباء «الأمهات والآباء أو أحدهما» لدى الأطفال أكثر مما استندوا على التشخيصات المستقاة من السجلات «قاعدة البيانات». النتائج في هذه الدراسة تدعم نتائج دراسات مماثلة من دول أخرى. ولكن، هذه الدراسة هي من بين الدراسات الأولى التي فحصت 11 نوع من الفلزات والمعادن المختلفة بالإضافة إلى تشخيص اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد. هذا التعرضات الى الفلزات والمعادن تم فحصها كل فلز ومعدن على حدة وكخليط مكون من ال 11 نوعًا منها.

مصادر الفلزات والمعادن

الفلزات الثقيلة السامة مثل الزئبق والرصاصوالزرنيخ والكادميوم تتواجد بشكل طبيعي فيالبيئة، ولكن بسبب النشاط البشري، كالتلوثمن الصناعة والتعدين، هناك مستويات مرتفعةمنها في البيئة. وفقًا لوكالة البيئة النرويجية، فإن استخدام الذخيرة المصنوعة من الرصاصهي أكبر مصدر «67٪» لانبعاثات الرصاصفي البيئة في النرويج.

يؤدي كل من الوجود الطبيعي لهذه الفلزاتوالمعادن وانبعاثاتها من الصناعة إلى التربةوالماء إلى أن يصبح الغذاء أكبر مصدر للفلزاتوالمعادن. تتراكم بعض المواد «الزئبق والرصاصوالكادميوم» في السلسلة الغذائية ويمكن أنتنتقل من الأم إلى الطفل أثناء الحمل.

الرصاص والكادميوم موجودان في العديد من المواد الغذائية التي نهضمها كثيرًا، كمنتجات الحبوب والخضروات، بالإضافة إلى المشروبات [الغازية]. توجد مستويات مرتفعة من الكادميوم في لحم الكلية والكبدة ولحم السلطعون البني. السجائر هي أيضًا مصدر هام للكادميوم.

تتعرض العائلات التي تستخدم لحوم الطرائد «الي تصطاد ببنادق تستخدم ذخيرة الرصاص» كجزء من نظامهم الغذائي اليومي بشكل إضافي للرصاص، بالإضافة إلى التعرض اليه من المنتجات الغذائية الأخرى. وفقًا لتحذيرات هيئة سلامة الأغذية النرويجية، يجب على النساء الشابات والحوامل والمرضعات وكذلك الأطفال دون سن السابعة ألا يأكلوا لحوم الصيد التي تصطاد بذخيرة الرصاص.

هناك تحذيرات خاصة من هيئة سلامة الأغذية النرويجية بشأن تناول المأكولات البحرية من المناطق الملوثة في النرويج «الموانئ والمضايق البحرية والبحيرات». يتعرض السكان للزرنيخ بشكل رئيسي من خلال الطعام والشراب، وفي النرويج تعد الأسماك والمأكولات البحرية من أكبر المصادر الغذائية لهذا الملوث. في الأسماك والمأكولات البحرية معظم الزرنيخ موجود في مركباته العضوية «مركبات الزرنيخ العضوية» والتي تعتبر أقل سمية من مركباته غير العضوية. أثبتت كل من الدراسات التي أجريت على الإنسان والحيوان آثارًا ضارة على الجهاز العصبي بعد التعرض للمركبات غير العضوية «مركبات الزرنيخ غير العضوية».

على الرغم من أن المنغنيز ضروري للعديد من العمليات الكيميائية الحيوية في الجسم، إلا أن التعرض إلى المستويات المفرطة منه على مدى فترة طويلة من الزمن يمكن أن تكون ضارة أيضًا، خاصةً للدماغ والجهاز العصبي. أكبر مصدر للتعرض البشري للمنعنيز هو الغذاء «منتجات الحبوب والخضروات الخضراء والمكسرات» ومكملات الفيتامينات.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون التعرض للمنغنيز من خلال مستحضرات التجميل ومياه الشرب وتلوث الهواء والمصادر المهنية «طبيعة العمل». في السكان النرويجيين، هناك بعض المجموعات المهنية التي تعمل بالفلزات تتعرض لمستويات عالية من المنغنيز. في مناطق العالم ذات المستويات العالية من المنغنيز في التربة والمياه الجوفية «مثل مياه الشرب» أو حيث يسهم التعدين في تركيزات عالية في الهواء، أثبتت الدراسات ارتباطًا [بين مستويات المنغنيز العالية] وبين المشاكل السلوكية والقصور المعرفي / الادراكي [1]  وانخفاض قدرات التعلم وضعف الأداء المدرسي في الأطفال.

الحاجة إلى مزيد من المعرفة بملوثات البيئة عند السكان

هذه الدراسة شملت الأطفال المولودين بين عامي 2002 و2009. ولكن، معرفة مستويات التعرض الحالية محدودة. على الرغم من تطبيق الحظر واللوائح الخاصة ببعض الفلزات الثقيلة «كالزئبق والرصاص»، إلّا أن العديد من الفلزات تُنقل عبر الهواء وتيارات المحيطات إلى جميع أنحاء الكرة الأرضية. وبالتالي، فإننا لا نعرف مستويات الفلزات والملوثات البيئية الأخرى في السكان النرويجيين حتى اليوم، ولا في الفئات المعرضة للخطر كالنساء الحوامل والأطفال. لذلك من المهم أن نكتسب المزيد من المعرفة حول هذا المسأل، كما يقول سكوغهايم Skogheim وڤيلانغر Villanger.

اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد

تقدر السلطات الصحية النرويجية أن حوالي 3 الى 5 بالمائة من الأطفال والشباب الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة. وهذا يعني أنه في المتوسط، هناك طفل واحد لديه اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة في كل صف من صفوف المدرسة. في النرويج، حوالي 1 في المائة من جميع الأطفال قد تم تشخيصهم بالتوحد ببلوغهم الثمان سنوات. اكتشاف عوامل الخطر البيئية الممكنة التي تسهم في اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد يمكن أن تؤدي إلى دعم وبدء تدابير وقائية.

عن الدراسة

الدراسة منشورة في مجلة البيئة العالمية[2] . استخدم الباحثون بيانات من الاستبيانات الاستقصائية والسجلات، بالإضافة إلى عينات دم من مشاركي MoBa المرتبطة بسجل المرضى النرويجيين. قاموا بقياس 11 فلزًا ومعدنًا في عينات الدم من منتصف فترة الحمل. قاد الدراسة باحثون من المعهد النرويجي للصحة العامة بالتعاون مع باحثين من جامعة أوسلو وجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل وجامعة كولومبيا في نيويورك. الدراسة جزء من مشروع ال NeuroTox، الممول من قبل مجلس البحوث النرويجي بقيادة هايدي آسي Heidi Aase من المعهد النرويجي للصحة العامة.

مصادر من داخل وخارج النص

[1] - النقيصة المعرفية أو القصور الإدراكي أو الاختلال المعرفي هو مصطلح شامل يعبر عن أي خواص تمثل حاجزا أمام عملية المعرفة. المصطلح يصف النقص في الأداء الفكري العام مثل التخلف العقلي، أو يصف نقصا معينا في القدرات المعرفية مثل عجز التعلم وعسر القراءة، أو يصف خلل المعرفة أو الذاكرة الناتج عن استخدام العقاقير كما يلاحظ في تعاطي الكحول والقشرانيات السكرية والبنزوديازيبين. قد تكون النقيصة المعرفية نتيجة لعيب خلقي أو ظروف مثل إصابات الدماغ والاضطرابات ”العصبية والاضطرابات النفسية.“ مقتبس من تص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/نقيصة_معرفية

[2]  - https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0160412021000933

المصدر الرئيس

https://www.fhi.no/en/news/2021/heavy-metals-pregnancy-adhd/