آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

بين هابيل وقابيل - فماذا لو؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

عندما كتبتُ هذه الخاطرة القصيرة، نظرتُ في صور أبنائي وأحفادي وقلت: كلّ الرَّجاء من الله أن لا يكونَ أحدًا منهم قاتلًا أو مقتولًا تحت أي سببٍ من الأسباب، فليس أعظم من هذا الجاثوم المزعج أن يضغطَ على صدرِ أبٍ أو أمّ فيرديهم موتى قبلَ الموت!

ثم، لابدَّ من البهجة والفرح بنجاة وسلامة كل نفسٍ من الموت، ومنهم من كان محكومًا بقصاص، بعد ذلك استحال القصاصُ ديةً مسلمَّة إلى أهلِ المقتول، لكن هل يحقّ لنا أن نسأل: ماذا لو لم يدخل الإنسان في حالةِ انزلاق تؤدِّي الى قتل، فكم من شخصٍ سوف تكفيه هذه الدِّيات ليتعلَّم؟ وكم من شخصٍ تكفيه ليَعمل؟ وكم من شخصٍ تكفيهِ ليتطبَّب؟ وكم من جائعٍ ليأكل؟ وكم من عازبٍ يتزوج، وكم وكم؟ وعليه ألم يحن الوقت لدراسة هذا المشهد وتقصِّي الأسباب الواقعيَّة، ومن ثم منع الفأس أن يصيبَ الرَّأس مرَّة أخرى، بل مرات؟!

حقًّا، لقد ترددتُ أن أسأل هذه الأسئلة جهرًا وفي العلن، لكن شجَّعني على هذا الفعل من يسألونها في السِّر والخفية. ولعل تكرار الحوادث التي تنتهي بمآسٍ لا يتوقف إلا بالمصارحة والمكاشفة، حيث ما أسهل ما يدخل الشَّاب اليوم معك في عراكٍ وأنت أكبر منه سنًّا، فكيف بمن هم في سنِّه؟ ومع أني مدركٌ أن الشبّان لا يقرأون هذه الآراء والمناشدات، ولا يقيمونَ لها وزنا، إلا أن على الآباء والأمَّهات التحذير والتّذكير من سوءِ المنقلب وعاقبة مثل هذه الحوادث، والتربية والتعليم والتأديب!

القليل يقتل عمدًا، فلربَّما يكون القتل ناشئًا من حالة انفعالٍ طارئة، أو أوضاع لا شعوريَّة، لكن النتائج واحدة؛ قاتلٌ ومقتول ومدَّعِ ومدَّعَى عليه، وينتج عنه قتلُ قصاص أو دية. فإن كان هناك من رسالةٍ عبر هذه الأسئلة فهي: كفى أن يخسر الشَّبابُ أعمارهم وطاقتهم في غيرِ ما خلقت له، وهو العيش والعمل والانتاج والعبادة بسلامٍ وطمأنينة، وكفى عنفًا، مقصود أو غير مقصود.

في موتِ شخصٍ واحد موت مجتمع، وفي حياة شخصٍ واحد حياة مجتمع، فهل في هذا دافعٌ لنا للتدبّر والتفكّر؟

مستشار أعلى هندسة بترول