آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:34 ص

أولويات الازمات

محمد أحمد التاروتي *

مسارات الأولويات تختلف باختلاف المرحلة الزمنية، فالخطط الموضوعة في أوقات الرخاء، مغايرة تماما للمشاريع المقترحة في زمن الشدة، نظرا للتحولات المفاجئة الحاصلة على الساحة الاجتماعية، الامر الذي يفرض التعاطي بمسؤولية وواقعية مع الاحداث الساخنة، خصوصا وان التداعيات المترتبة على تجاهل التطورات ستصيب الجميع، مما يستدعي ”تجميد“ بعض الخطط مؤقتا للتعامل مع الاحداث الطارئة، من خلال وضع الخطط المناسبة للسيطرة على المتغيرات، والعمل على معالجتها بطريقة متوازنة، وغير مستعجلة، لاسيما وان الفوضوية والاستعجال تخلف اثارا سلبية على الجميع، الامر الذي يستدعي الحذر في كافة الخطوات المتخذة، بحيث تأخذ في الاعتبار حساسية الظرف، وعدم انتهاج سياسة ”التجاهل“، واللجوء الى طريقة دس ”الرأس“ في الرمال.

الازمات الشديدة تكشف القدرة على التماسك، وامتلاك حرية التحرك بطريقة ذكية، خصوصا وان البعض يصاب بشلل كامل بمجرد بروز بعض المشاكل الطارئة، مما يفقده التوازن وفقدان القدرة على التفكير، وبالتالي اتخاذ الخطوات المتسرعة، والسير في طريق التخبط، وعدم الاختيار المناسب، فالعناصر المتوازنة اكثر قدرة على امتصاص الحدث أولا، والتحرك في المعالجة بطريقة سليمة ثانيا، من خلال دراسة الوضع القائم، والعمل إيجاد المعالجات المناسبة، فيما الأطراف الفوضوية تعمل في كافة الاتجاهات، وتتحرك دون وعي، او قدرة على الاختيار المناسب، الامر الذي ينعكس على نوعية الحلول المطروحة، بحيث يغلب عليها الاستعجال، وعدم القدرة على التركيز، مما يعني الفشل في تحديد الأولويات المناسبة، لمعالجة الازمات الطارئة.

تحديد حجم الازمات عملية أساسية، في وضع الأولويات المناسبة، فالازمات الكبرى بحاجة الى خطط مناسبة، وإمكانيات ضخمة، وكذلك كوادر قادرة على السيطرة عليها، من خلال التحرك وفق قاعدة ”الأهم ثم المهم“، بمعنى اخر، فان معرفة مكامن المشكلة، وكذلك الوقوف على أسباب الازمات، والتعرف على الاليات المناسبة، عناصر أساسية في وضع الأولويات للخروج من الازمات باقل الخسائر، خصوصا وان الازمات محطة امتحان حقيقية على الاطار الاجتماعي، مما يتطلب خلق الظروف المناسبة، للتعاطي معها بطريقة مسؤولة، من اجل احداث معالجات جذرية، وعدم التحرك وفقا ”ردود الأفعال“، او التعاطي مع الظواهر او القشور، لاسيما وان معرفة الأسباب الحقيقية للازمات، يمهد الطريق لتحديد الأولويات، وتحديد الطرق المناسبة لوضع الأمور في النصاب السليم.

وجود اطراف فاعلة، وقادرة على التحرك في الوقت المناسب، عناصر مهمة في معالجة الازمات الكبرى، خصوصا وان حالة الهلع والاضطراب، لا تصب في مصلحة تحديد الأولويات مطلقا، فالخوف يفقد القدرة على التفكير السليم، ويحدث حالة من الضياع على الاطار الاجتماعي، الامر الذي يحول دون وضع الخيارات المناسبة، وكذلك فقدان السقف الزمني للبدء في تنفيذ المعالجات على الواقع الخارجي، وبالتالي فان السلوك المضطرب يغذي الجانب السلبي، في طرح الحلول الحقيقية للازمات على اختلافها، جراء الافتقار للبوصلة القادرة على تحديد الأهداف بطريقة صحيحة، بحيث تتحول الأولويات الى هوامش، والهوامش الى أولويات، الامر الذي يسهم في تكريس الازمات في البيئة الاجتماعية، مما يجعل عملية اقتلاعها من الواقع الاجتماعي، ليس سهلا على الاطلاق.

التحرك في الوقت المناسب عملية أساسية، في تحريك الازمات بالاتجاهات المرغوبة، فالمعالجات في البدايات تكون اكثر سهولة من اسلوب التراخي، والبحث عن الحلول، بعد تجذرها في الواقع الاجتماعي، وبالتالي فان تحديد الأولويات مع بروز الازمات اكثر جدوى من التجاهل، والتأخر لفترة طويلة، خصوصا وان المعالجات في بداية الازمات تختلف تماما عنها بعد فترة زمنية، نظرا لتراكم عدة عوامل سواء داخل او خارجية، مما يسهم في تعقيد الأمور، ويحول دون القدرة على السيطرة بسهولة.

تحديد أولويات الازمات يمثل الخطوة العملية، باتجاه خلق الظروف المناسبة للسيطرة عليها، والعمل على تجاوزها بطريقة إيجابية، خصوصا وان الكثير من الازمات تبقى ضمن نطاق السيطرة، بمجرد وضع الحلول المناسبة وفقا للاهمية، لتفادي التشابك في المعالجات، وفقدان السيطرة على الأمور، سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة.

كاتب صحفي