آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

ماذا عن التَّلوث السّمعي؟ - سلسلة خواطر متقاعد

المهندس هلال حسن الوحيد *

يا قَومُ أُذْني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ - - وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانَا

قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم - - الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانَا

فإذا اتَّفقنا أن الأذن والعين كلاهما تعشقان، فإليكم عيِّنات من الأصواتِ التي لا تعشقها أذني ولا أذانُ كثيرٍ منكم:

ساعة قبل الفجر، نوافذُ وأبوابُ الدَّار مغلقة، يوقظني صوتٌ أحسبه رعدٌ وبرق. وعندما يوقظني تمامًا، فإذا هو صوت سيَّارة تزمجر بقوة مئاتٍ من الأحصنة يقودها شابّ. وبعد هذا المشهد لا يأتي النّوم!

أصطفّ في فجرِ يومٍ معتدل الحرارة بجانب شابّ وسيم، وكلانا فتحَ نوافذَ السيّارة ليشم قليلًا من الهواءِ العذب، أذني التي عمرها ستّون سنة وأكثر لا تستطيع احتمال صوت الموسيقى من سيّارته. بعد ذلك أغلق النّافذة حتى كلانا يسير!

نصطفّ عدّة سيارات بانتظار الإشارة الضوئيّة أن تصبحَ خضراء، كلنا رِجله على دوَّاسة الوقود ويده على المقود ننتظرها بالثَّانية، يأتي صوتُ آخر سيّارة في الصفّ تعلن الصَّفير والنَّفير، مع العلم أن إزعاجها ليس له علاقة بحركةِ السيّارات إلا أن يكون أوّلنا نائم أو منشغل بهاتفهِ النَّقال!

برهة قصيرة من الجلوس على ساحل البحر لا تخلو من أصواتٍ طفيلية تعكِّر صفو الصمت.

شبّان يتسابقون بدرّاجات ناريّة صوتها أكبر منها، ويتسلّون بسيَّاراتهم الفارهة المزعجة! بناؤون في غيرِ ساعةِ عمل، هذه عيِّنات من الأصوات التي لا تطرب لها أذني ولا آذانكم، وما بقيَ أكثر!

أنا وأنتم بحمدِ الله بصحَّة وعافية، وقد لا تؤذينا الأصوات كثيرًا، لكن هل كلّ النّاسِ أصحَّاء؟ وهل كلّ النَّاس لا يحتاجونَ الرَّاحة؟ وهل كل النَّاس في إجازة؟ وهل يخلو بيتٌ من أطفالٍ ترغب أمهاتهم أن يناموا في آخر ساعاتِ اللَّيْل، فيسترحنَ من عناءِ يومٍ طويلٍ وشاقّ؟!

مستشار أعلى هندسة بترول