آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

دور الهيئات والمؤسسات الدولية

عبد الرزاق الكوي

الأوضاع متوترة في أنحاء العالم وكأن العالم على فوهة بركان والجميع يعيش انتظار حالة نت الأزمة المستمرة، ليس فقط قلق وتوتر بل بعدم الشعور العام بالأمان والسلامة على النفس، يتجه العالم لمزيد من التردي، لم تكفه الأزمات السياسية والاقتصادية والفقر المنتشر والمجاعة والبطالة، حتى يبتلى بوباء قاتل يصيب العالم بشكل عام والدول الفقيرة بشكل خاص في مقتل وتتولد منه وباءات اخرى.

فالنظام العالمي بهيئاته ومؤسساته ومنظماته يقف عاجز وشبه متفرج ومكبل بضغوطات خارجية على ما يصيب البشرية من تراجع في ابسط حقوقها الإنسانية، وأدنى متطلبات الحياة الكريمة، فالنسبة الأكبر من عالم اليوم يعيش تحت خط الفقر ومعاناة الحروب العبثية وابحث عن الأيدي التي تقف ورائها، فساد مدروس ومخطط لها ينتج عن ذلك مظلوميات في غاية القساوة تصل الى شريعة الغاب والوحشية، فأصحاب القوة الاقتصادية وانعكاس هذه القوة على التفرد في القرار السياسي ومنه الى القوة العسكرية، يفرض هذا القوي شروطه على العالم وعلى هيئاته المناط بها تحقيق العدالة وفك النزاعات واخد حق المظلوم وارساء مبادئ حقوق الإنسان المنتهكة.

قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا

فالانتهاك لحق البشرية في العيش الكريم جاء بسبب قوانين وتشريعات وضعية كتبت من قبل قوى فاعلة، تقف بالمرصاد لكل تطلع عالمي في نيل حقوقه والعيش في حياة تلبي بعض احتياجاته ليس السياسية او كامل الحقوق والعدالة، بل من ماء نظيف وأكل يناسب للبشر ورعاية صحية مقبولة والفكاك من الأوضاع الاقتصادية المتردية، والابتعاد عن المستوى الإنساني في مجمل العيش، هذه بعض متطلبات البشرية، فما يشربه ويأكله ويتعالج به فئة قليلة متنفذة عالميا يكفي لحياة كريمة للعالم اجمع، فالطمع والانفراد بخيرات العالم سمه من سمات المجتمع الحديث، ان تملأ الخزينة تلك الفئة من خيرات العالم، حتى لو دمر العالم على من يسكنه، فلا وجود لوازع يردع المعتدي والمتنفذ، والمشكلة اذا كان حاميها حراميها تستخدم شتى الوسائل لجر النار الى خبزه ولتجوع البشرية وتباد عن بكرة ابيها.

العالم المهيمن على مقاليد العالم من اهتماماته إضعاف اي مشروع تقدمي للشعوب كافة، وان مبادئ العدالة ليس من حق الجميع، وتشريع قوانين هجينة تضعف الإرادة وتمنع التفكير وتحارب اي تطلع انساني ينافس او يرغب الانفكاك من قيود تلك الهيمنة المخطط لها، كل يوم تبتعد البشرية عن منطلق التعايش، والأمل بغدا أفضل.

قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

فالأمل معدوم بتقدم البشرية ومن يتحكم بوضع المواثيق الدولية لا ينظر بعين الرحمة والمواساة والرفق والمصالح المشتركة، التي تتحقق فيه ابسط الحقوق. فالعالم المهيمن يمكن يعطي رضاه لانتخابات يكسب فيها مشروعه وتطلعاته تسعة وتسعون بالمائة من الأصوات الانتخابية، البشرية اليوم لا تعيش أمل عدالة الإمام علي ولا تتمنى العيش في ظل الهيمنة العالمية، بل تنظر للأمل من منقد. او تقوم الهيئات الدولية بدور اكبر فاعلية لقيادة العالم والحد من اطماع وليس القضاء شرور القلة المهيمنة والانفكاك من التبعية بتكوين قوى قادرة على قيادة العالم الى بر الأمان إصلاحات اقلها من النواحي المعيشية أن يتحسن الاقتصاد وان يخرج العالم من تحت خط الفقر وتقل الحروب او اقل فتكا بالعمل بالتشريعات التي لم ترى النور والقبول والعمل بها، ان تنتهي الحالات العنصرية والحروب الطائفية والقتل بيد بارده.

العالم يحتاج الى هيئات ومنظمات دولية فاعلة تستطيع اتخاد القرار والالتزام بمتابعته وحله ومواجهة الضغوطات من هنا وهناك، من أجل تعزيز ودعم بعض حقوق الإنسانية المعذبة في ابسط حقوقها المشروعة والمكفولة والاهتمام بالتنمية وتحقيق ولو نسب ضئيلة من الأمن الاجتماعي وتوفير المستلزمات الضرورية والماسة من شراب وطعام وصحة ومأوى

في حده الأدنى، في زمن تحولت فيه مراكز صحية وتعليمية الى أماكن معسكرات للإرهابين والقتلة ومن يقف خلفهم.

مع كل ذلك لا توجد بارقة أمل وخطط آنية سريعة ولا مستقبلية واعدة، في أسلوب انساني يأخد بعين الاعتبار جميع من على هذه الأرض بدون تمييز، وترسيخ قيم العدالة ومحاربة الفساد على النطاق الدولي حتى لا تكون تلك الهيئات الى منظمات تدار من قبل قوى سياسية عالمية بل سلطة شبه تنفيذية وذات مكانة معنوية تعمل لصالح المجتمعات كافة حماية الأرض، حتى البيئة لم تسلم من شرور الإنسان، بتشكيل ودعم ورشات ومشاريع تعود بالنفع على العالم تنقده من البؤس وحالة التشائم فالعالم يملك الكثير من النعم والوسائل من اجل تغيير هذا الواقع المزري.

الهيئات والمنظمات التي تهتم بمثل هذه الشؤون بحاجة ان لا تنتظر المشكلة حتى تستفحل والتفكير بحلها بعد ان تدمر البلاد والعباد، بل العمل الجاد مع كل من يملك المساعدة والوقوف في وجه الطوفان ببناء علاقات عملية وخطط انية ومستقبلية في الأمور التي تخدم المجتمعات وتقرب وجهات النظر، بالعمل الجماعي والمؤسسي المدروس ومتابعة جادة ومصداقية في الخروج بنتائج بناءه تشجع الجميع على الانخراط في تلك المشاريع التنموية.