آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

إنسان يقاضي عصفور! - سلسلة خواطر في أوانها

المهندس هلال حسن الوحيد *

احكموا بيني وبين هذا العصفور، شكواي منه باختصار كالتَّالي: عندي شجرة تين أسمِّد أرضَها لإصلاحها وزيادة إخصابها وأشذِّب أغصانها كلَّ شتاء، ثمَّ أسقيها الماءَ كلَّ يوم. لا أترك نوعًا من المواد المشجِّعة على حلاوة الثِّمار وجودتها إلا وأشتريها، فلو أنني أشتريت أجودَ صناديق التِّين ما كلَّفني عشر معشار ما أخسره على تلك الشَّجرة، وأنا أقول لا يصحّ هذا. يأتي الصَّيف وتبدأ بعضُ حبَّات التِّين بالنضج، تتلوّن شيئًا فشيئا، ويكبرن وأنا أراقبهنّ، وأترقب بلغوهنّ لحظةَ القطف. وكأنَّ الدنيا تميل مع العصفور، تحتاج الحبَّات بعض السَّاعات ويتم النضج ويحلّ الأكل. ثم تكون المفاجأة في الفجر يكون العصفور قد عرف اللَّحظة وأتمَّ وجبته الشهية، أكل حبَّات التِّينن وترك شواهد على فعلته!!

شكواي منه أنه يأكل عشرَ تينات ويترك واحدةً مثقوبة أو ليس فيها من الحلاوة ما يكفي. سبحان من هدى هذا العصفور وأعطاه القدرة أن يصارع البشر ويعاندهم في شهواتهم ورغباتهم، وينجح. لكن أقول للعصفور: لا تأمن، فأنا إنسان أفكر، وسوف أجد طريقة، إما بالطّيب أو بالقوة لاستعادة استثماري في شجرةِ التِّين، وقبل أن ينتهي فصلُ الصَّيف سوف أحرمك من أكلها، فأين تقاضيني؟

أنا أسألكم حسنَ القضاء في حقّ هذا العصفور الذي ظلمني. احكموا بيني وبينه بالحق ولا تتَحيزوا في حكمكم لأنني أنا الشاكي - بشر - والمشكو حيوان وهو العصفور. لا تنفع معه الشِّباك الضيقة؛ فأنا لا أريده أن يموت جوعًا أو قتلًا، ولا تنفع معه الشِّباك الواسعة، فهو يدخل ويخرج ويسرح ويمرح من ثقوبها. ولعلمكم، أنا في معظم الأيَّام أطعمه فتاتَ الخبز والحبّ الجيد، وهو لا يكتفي بذلك بل يجور على حبيباتِ التِّين!

فائدة تجنى للعصفور: الأشخاصُ الذين يراعون حسن المعاشرة والصداقة، ولا يعتدون على حقوق أصدقائهم ومعارفهم والمنعمينَ عليهم هم قليلون جدّا. لهذا ينخر الإحساسُ بعدم الثّقة بين النَّاس، وأنت لستَ إنسان!

مستشار أعلى هندسة بترول