آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

القواعد الأخلاقية

محمد أحمد التاروتي *

الالتزام بالضوابط والقواعد الأخلاقية، وكذلك مراعاة التقاليد الاجتماعية، احدى السمات التي تميز البعض عن اقرانهم في البيئة الاجتماعية، فالقواعد الأخلاقية ترفع من شأن المرء لدى الاخرين، كما ان سوء الخلق يحط من قدر بعض الأشخاص، خصوصا وان القيم الأخلاقية محل اجماع لدى الجميع، مما يجعل الخروج عنها، وضرب بعض القواعد الأخلاقية امر مرفوض ومستهجن، لدى مختلف الفئات الاجتماعية، بالإضافة لذلك فان المحافظة على التقاليد الاجتماعية المدعومة بالمبادئ الأخلاقية، تعزز من النفود لدى البعض، لاسيما وان التقاليد الاجتماعية تحظى باهتمام وقدسية، لدى شريحة واسعة من المجتمع.

محاولة ضرب التقاليد الاجتماعية بممارسات خارجة عن السياق المتعارف عليه، والعمل إرساء قواعد اشتباك مع البيئة الاجتماعية، عمل يحمل في طياته الكثير من المغامرة، وتجاوز الخطوط الحمراء، خصوصا وان القواعد الاجتماعية باتت جزء اصيلا من الثقافة العامة، مما يجعلها اكثر حضورا في الوجدان، الامر الذي يفسر ردود الأفعال العنيفة المصاحبة، لمحاولة كسر تلك التقاليد الاجتماعية المتعارف عليها، وبالتالي فان ضرب التقاليد الاجتماعية يكشف نوعا من التهور تارة، ومحاولة لاحداث بلبلة في البيئة الاجتماعية تارة اخرى، نظرا لتفاوت التفكير لدى العديد من الفئات الاجتماعية، مما ينعكس على حالة الغضب المصاحبة، لعملية تقويض بعض التقاليد الاجتماعية السائدة.

الضوابط الأخلاقية تلعب دورا أساسيا في تقوم السلوك الخارجي، وتعطي البيئة الاجتماعية قدرة على ضبط السلوك العام، خصوصا وان الالتزام بالقواعد الأخلاقية ينعكس على اجمالي الممارسات اليومية، بحيث يتجلى في الاستقرار الاجتماعي، ويساعد في تعزيز التلاحم والتكاتف، لدى مختلف الشرائح الاجتماعية، لاسيما وان الضابط الأخلاقي يخلق حالة من الانسجام، بين السلوك الخارجي والقناعات الداخلية، مما يخلق حالة من التوافق في مختلف التعاملات الاجتماعية، بحيث تبرز على اشكال متعددة، سواء على صعيد العلاقات داخل النطاق الاسري المحدود، او الجانب الاجتماعي الواسع، فالاطار الأخلاقي يساعد في استبعاد الكثير من التصرفات الشريرة، ويساعد في ضبط ايقاعات الممارسات مع الاخرين، مما يولد حالة من الوئام العام، ويساعد في تكريس حالة السلم الاجتماعي.

الخروج عن القواعد الأخلاقية ينسف الكثير من العلاقات الاجتماعية، حيث يؤسس لحالة من العداء، ويعطي إشارات سلبية لمستقبل العلاقات الخارجية، نظرا لسيطرة النوازع الشريرة في مختلف التصرفات اليومية، الامر الذي يكرس حالة الشقاق والتباعد، ويقضي على بذرة الخيرة في النفوس، مما يشكل خطورة كبرى على الصعيد الفردي أولا، والاجتماعي ثانيا، نظرا لارتفاع منسوب المخاوف لدى الافراد، نتيجة الابتعاد عن الأسس الأخلاقية الحاكمة، في شبكة العلاقات الإنسانية، وبالتالي فان ضرب القواعد الأخلاقية مقدمة نحو الدخول في نفق مظلم، من العلاقات العدائية في البيئة الاجتماعية الواحدة.

وجود اطراف قادرة على ضبط إيقاع المعاملات الخارجية في البيئة الاجتماعية، عنصر فاعل في إيقاف التحركات الساعية لضرب القواعد الأخلاقية، والقضاء على التقاليد الاجتماعية السائدة، خصوصا وان امتلاك تلك الأطراف الأدوات اللازمة، والصلاحيات الكبيرة، للتحرك بحرية تامة، يدعم عملية الاستقرار الاجتماعي، ويعرقل الجهود المبذولة لارساء ثقافة ”تخريبية“، تعمل على ضرب القواعد الأخلاقية، وتسعى لاستبدال بعض التقاليد الاجتماعية باخرى ”هزيلة“، وبالتالي فان الإمكانيات المتاحة لتلك الأطراف تساعد في إعادة الأمور للوضع الطبيعي، سواء من خلال افشال كافة المحاولات الساعية للتخلي عن الضوابط الأخلاقية، او الهادفة نحو نخر التقاليد الاجتماعية من الداخل، بمعنى اخر، فان وجود عناصر تمتلك الجرأة والكفاءة لايقاف العمليات التخريبية، لادخال البيئة الاجتماعية في المجهول، خطوة أساسية لحماية المجتمع من الدخول في الحروب الداخلية، خصوصا وان صراع القواعد الأخلاقية، ومعارك التقاليد الاجتماعية، تستنزف الطاقات البشرية، وتحدث حالة من الترهل في البيئة الاجتماعية، مما يستدعي التحرك السريع، لحماية المجتمع من تلك الخسائر الكبرى.

الخروج عن النص فيما يتعلق بالضواط الأخلاقية، والوقوف بوجه التحركات الساعية لنسف التقاليد الاجتماعية، يعزز الاستقرار الاجتماعي، ويحمي مختلف الشرائح الاجتماعية من الدخول في مواجهات دامية، سواء كانت كلامية او ثقافية او جسدية، لاسيما وان البعض لا يتوانى من القفز على المراحل، عبر الدخول في المواجهات الدامية، لحماية جسد المجتمع من التعرض للطعنات المتتالية، من خلال استلاب القواعد الأخلاقية، واستبدال التقاليد الاجتماعية، باخرى غير مقبولة او مرفوضة من لدن الجميع.

كاتب صحفي