آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 4:19 م

هل يعوّض مجتمعنا قاماته الاجتماعيَّة بعد نعيهم؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

ما إن ترحل قامةٌ اجتماعيَّة إلا وتتسابق الاقلام في الكتابة عنها ورثائها، ويظهر للنَّاس الذين لم يعرفونها - ذكرًا كانت أم أنثى - الكثير من الخصائصِ والميِّزات، وهذا أمر عقلاني، حيث التكريم حقٌّ من حقوق المتواضعين والمعطائين في حياتهم الذين غالبًا ما يعيشون تحت ظلال عطاياهم وحسناتهم لا يريدون من النَّاس جزاءً ولا شكورا.

أظن أن الأجمل من الرِّثاء اللا متناهي - في يومين - ثم النِّسيان العمل على استنساخ هذه القامات وانتاج قاماتٍ أطول وأفرع وأصلب وأكثر تنوّعًا في العمل وأشدَّ قربًا من الأرضِ والنَّاس كما في وصفِ السَّموأل:

إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

يجب أن تراهن المجتمعاتُ على أجيالها الشابَّة ودفعها لحمل راياتِ العملِ الاجتماعيّ في منهجيَّة سباق تتابعيّة: ”إن الفتى من يقول ها أنا ذا *** ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي“، وهذا هو أفضل تأبينٍ وتخليدٍ لذكرى الرََّّاحلين والعاملين من الآباء والأجداد والجيل السَّابق. ثم لماذا ينتظر النَّاسُ الموتَ حتى يقولوا: شكرًا لمن عمل، وشكرًا لمن أعطى، فلا ضيرَ في أن تكون بعض الصَّدقات والعطيَّات والأعمال علانيةً حتى يراها النَّاسُ ويتسابقون في فعلِ مثلها وأكثر!

لا ضيرَ أن يتسابقَ النَّاسُ في التعريف بقاماتهم - رجالًا ونساءً - قبل رحيلها ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ، فلن ينقص من أجر هذه القامات عند الله مثقالَ ذرَّة ولن يزيد في تكبّرها مثقال ذرَّة، إن هي كانت عاملةً لله وليس للنَّاس. فلا نظن أن قاعدة لزوم: إعطاء كل ذي حقٍّ حقّه، محصورة بالماديَّات، بل كل من يعطي وقته وجهده وخلاصةَ عمرهِ لغيره له دَينٌ وحقّ أخلاقي على غيره في حياته وبعد مماته، يقوم به بعضُ من عرفوه ليسقطَ عن الباقين الذي جهلوه.

مستشار أعلى هندسة بترول