آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

مسلسل المتحورات

محمد أحمد التاروتي *

تتردد انباء عن اكتشاف متحور جديد، من سلالة فيروس كورونا بالولايات المتحددة، يطلق عليه ”ايسيلون“، حيث يعتبر من اخطر المتحورات المكتشفة حاليا، اذ تتجاوز قدرته على الاجسام المضادة، فضلا عن محدودية جهاز المناعة في اكتشافه ومحاربته، مما يجعله اكثر خطورة من متحور ”دلتا“ الهندي، الذي ينتشر حاليا بصورة رهيبة في مختلف انحاء العالم، فقد ساهم متحور ”دلتا“ في تزايد اجمالي الإصابات، وكذلك ارتفاع حصيلة الوفيات يوميا.

اكتشاف المتحورات الجديدة بين فترة وأخرى، في العديد من الدول العالمية، يعطي دلالة على استمرارية الحرب القائمة بين العلم والفيروس، فبالرغم من الجهود المبذولة لمقاومة الوباء عبر انتاج العديد من اللقاحات، فان الفيروس ما يزال يمتلك العديد من الأوراق الرابحة، حيث تعتبر المتحورات احدى ابرز الأوراق الرابحة لدى الفيروس، مما يعطي دلالة واضحة على استمرارية الصراع القائم بين العلم والوباء.

القدرة على اكتشاف المتحورات عملية أساسية، لاطلاق مراكز الأبحاث والشركات المتخصصة في دراستها، ومحاولة الوقوف على نقاط قوتها وبواطن ضعفها، مما يسهم في التوصل الى اللقاحات المناسبة لتحجيم دورها، والحيلولة دون انتشارها بشكل كبير، بيد ان تلك الجهود تكون لها ضريبة ثقيلة في الغالب، فالتوصل الى تلك اللقاحات يتطلب بعض الوقت، مما يعني ان الفيروس يأخذ دورته في الفتك بالالاف من الضحايا على ظهر كوكب الأرض، وبالتالي فان المعركة المستعرة بين العلم والفيروس، تأخذ جولات عديدة بعضها سريعة، ولا تستغرق وقتا طويلا قبل اعلان انتهاء الوقت الرسمي لها، فيما بعض الجولات القتالية تتطلب وقتا طويلا قبل اعلان انتهائها.

وضع وباء كورونا البشرية في تحدي خطير، منذ اكتشاف في الصين أواخر عام 2019، فالانتشار الكبير والسريع ساهم في اعلان حالة الطوارئ على المستوى العالمي، خصوصا وان التداعيات المترتبة على انتشاره خطيرة وكبيرة، مما يفرض على الحكومات العالمية استنفار طاقتها، وتوظيف الموارد البشرية والمالية في سبيل الحد من تناميه، من خلال العديد من الإجراءات والكثير من القرارات، لاسيما وان التراخي وعدم الاهتمام يترك تداعيات وخيمة على الجميع، فالدول التي تجاهلت خطورة الوضع عانت كثيرا، مما ساهم في انهيار المنظومة الصحية لديها، وكذلك ارتفاع عدد الضحايا، وتزايد اجمالي الإصابات اليومية.

المتحورات الجديدة لفيروس كورونا، يمثل تحديا حقيقيا لدى الدوائر البحثية، وكذلك على مستوى الحكومات العالمية، خصوصا وانها ما تزال تكافح في سبيل الخروج من تداعيات الفيروس الخطيرة، وبالتالي فان اكتشاف متحورات خطيرة يزيد من الأعباء على مراكز البحث العلمي، وكذلك على الحكومات العالمية، نظرا لادراكها بمدى الخطورة الناجمة عن انتشار تلك الفيروس مجددا، الامر الذي يضاعف الخسائر في الأرواح، ويزيد الضغوط على المنظومة الصحية في مختلف البلدان.

من الصعب التهكن بمدى قدرة متحور ”ايسيلون“ في مقاومة اللقاحات المتاحة، فالعملية بحاجة الى العديد من الدراسات للتوصل الى النتائج الملموسة، خصوصا وان التضارب الحاصل في قدرة اللقاحات في وقف زحف متحور ”دلتا“ ما يزال قائما، حيث لا توجد قرارات جازمة بهذا الصدد، مما يعني ان الحديث عن مقاومة للقاحات لمتحور ”ايسيلون“ سابقا لاوانه، ويتطلب بعض الوقت للحصول على الإجابة الشافية.

من خلال التطورات المتلاحقة وقدرة فيروس كورونا على التحور المستمر، فان المستقبل يحمل في طياته العديد من المفاجآت، خصوصا وان الفيروس تمكن من فرضه نفسه على الجميع، من خلال القدرة على التحور والظهر بأسماء جديدة مغايرة تماماً عن الحالة الأولى التي اكتشفت في الصين، مما يفرض على الجميع الاستعداد للاسوأ في المرحلة القادمة، فالفيروس ما يزال يشكل تحديا حقيقيا خلال المرحلة الحالية والقادمة.

كاتب صحفي