آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 3:27 م

ملامح الانفراج

محمد أحمد التاروتي *

اعلان وزارة التعليم عن خطة عودة طلبة المرحلتين المتوسطة والثانوية، يعطي إشارات إيجابية بقرب العودة التدريجية للحياة الطبيعية، جراء ارتفاع مستوى الوعي الاجتماعي بالمسارعة بالتقليح من جانب، والإجراءات الاحترازية والصارمة المتخذة من الدولة لحماية المجتمع من تفشي الوباء من جانب اخر، خصوصا وان الجهود التي بذلتها الدولة منذ اكتشاف اول حالة بالمملكة في مارس 2020، ساهمت في تطويق الفيروس ومحاصرة البؤر المحتملة لتفشي الوباء، بالاضافة للتحرك السريع لتقديم العناية الطبية لمصابي كورونا.

عودة الطلبة لمقاعد الدراسة بعد انقطاع لنحو عام ونصف تقريبا، يكشف عن نتائج إيجابية، فيما يتعلق بالسيطرة على انتشار الفيروس في الأوساط الاجتماعية، بيد ان العودة المرتقبة للتلاميذ ليست مدعاة للتهاون والاستهتار، في الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، خصوصا وان الفيروس ما يزال يفتك بالبشر في مختلف انحاء العالم، فضلا عن صدور التقارير اليومية من وزارة الصحة المتعلقة بعدد الإصابات اليومية، فالتقارير تحمل أرقاما عن بدء الموجة التصاعدية لاجمالي الإصابات، مما يستدعي التحرك الواعي وعدم انتهاج سياسة اللامبالاة، في حماية الانفس من الإصابة بالوباء القاتل.

التعويل على الوعي الاسري وكذلك استمرار حملات التثقيف، لمختلف الشرائح الاجتماعية، عنصر أساسي في تسريع عودة الحياة للطبيعة مجددا، لاسيما وان الاسرة تمثل العمود الفقري لتكريس مبدأ الاستمرار، في اتخاذ الإجراءات الاحترازية، سواء في التعاملات اليومية، او خلال الممارسات الخارجية، وبالتالي فان قرب عودة الطلبة لمقاعد الدراسية يحمل الاسر مسؤولية كبرى، في حماية الأبناء خلال فترة الدراسة، من خلال الاعتماد على التثقيف، والتشديد على انتهاج سياسة ”الحذر“ الشديد من التهاون، وعدم الالتزام بالقواعد الصحية وتطبيق التباعد الاجتماعي.

تسارع عمليات التلقيح عنصر حيوي، في اتخاذ قرار عودة الطلبة لمقاعد الدراسة، لاسيما وان اخذ اللقاحات للطلبة يعزز المناعة لدى الجسم من تدهور الصحة، وعدم الدخول في مرحلة الخطر، فاللقاح يرفع من مستوى المناعة ويحد من خطورة الفيروس على الاجسام، خصوصا وان اللقاح لا يمنع من الإصابة، ولكنه يقلل من احتمال الانتكاسة الخطيرة، وبالتالي فان وجود قناعة راسخة بأهمية المسارعة لحجز موعد لاخذ اللقاح، يحرك المساعي الكثيرة المبذولة من وزارة التعليم، لاعادة الطلبة للدراسة حضورا، عوضا من استمرار الدراسة ”عن بعد“، التي فرضتها الجائحة خلال العامين السابقين.

الخطوة التي اتخذتها وزارة التعليم بإعادة العمل بالدراسة الحضورية، جاءت نتيجة المؤشرات الإيجابية لتراجع اجمالي الإصابات خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد هبطت الاعداد بشكل ملحوظ في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة لذلك فان مفعول اللقاحات المعتمدة في المملكة بدأ يظهر بشكل واضح، من خلال تناقص اعداد ضحايا الفيروس القاتل، وبالتالي فان قرار عودة الطلبة حضورا ينسجم مع التقارير الإيجابية الصادرة من الجهات الصحية، بخصوص الحالة الصحية ومدى السيطرة على انتشار الوباء في الأوساط الاجتماعية.

التحدي الحقيقي الذي يواجه عملية العودة الحضورية لمرحلتي المتوسطة والثانوية، يتمثل في القدرة على تطبيق الإجراءات الاجترازية بشكل صارم، مما يحمل الإدارات في المدارس المختلفة مسؤولية كبرى، خصوصا وان المسؤولية المباشرة ستقع على إدارة المدرسة، في الحفاظ على صحة وسلامة الطلبة طيلة فترة الدراسة، خصوصا وان تجمع اعداد كبيرة من الطلبة ضمن نطاق جغرافي صغير يشكل خطورة كبرى، وبالتالي فان التعويل على إدارة المدرسة يشكل الركيزة الأساسية، لاستمرارية الدراسة الحضورية طيلة العام الدراسي.

المخاوف من انتقال العدوى لدى الطلبة، واجهتها وزارة التعليم بمجموعة من الإجراءات الاحترازية، بحيث وضعت اشتراطات صارمة لمنع انتشار المرض بين الطلبة، من خلال منع التجمعات لدى كادر التدريس، وكذلك إيقاف عمليات البيع في المقاصف، والسماح للطلبة بجلب وجبات الفطور، مما يخلق بيئة امنة ويحمي الطلاب من الإصابة بالمرض، والحيلولة دون تشكيل بؤر لانتشار الفيروس، وبالتالي فان المخاوف الناجمة عن قرار عودة الطلبة لمقاعد الدراسة وضعتها الوزارة في الاعتبار، مما يحدث حالة من الارتياح لدى أولياء الأمور.

كاتب صحفي