آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

بيوت تراثية على حافة الإنهيار!

عباس سالم

يبدوا أن مسلسل إنهيار البيوت التاريخية التراثية في ”ديرة“ جزيرة تاروت لن يتوقف إلا بعد إنهيار آخر بيت من تلك البيوت التراثية القديمة! طالما لا وجود لمشروع تأهيل لتلك البيوت التي تعاني الإهمال وجور الزمن.

أشهر مضت على تشققات ثم إنهيار بيوت تراثية في المنطقة القديمة ”الديرة“ بجزيرة تاروت، وتلتها قبل أيام إنهيارات أرضية وتشققات عميقة بين أزقتها وتصدعات كبيرة لمجموعة من البيوت مما أدى إلى سقوط أجزاء كبيرة من بعضها وميول وتصدعات عميقة للبيوت المجاورة، وبعد أيام استمر مسلسل الانهيار الذي طال احد البيوت التراثية في أطراف ”الديرة“.

انهيار وتصدع البيوت التراثية في ”الديرة“ أجبرَ ساكنيها إلى إخلائها ومغادرتها إلى أرض الله الواسعة بحثاً عن مأوى يحميهم من حرارة الصيف الملتهبة، وهنا أتساءل: إلى متى تلك البيوت ستظل على حالها؟ حيث أصبحت تشكل خطراً حقيقياً على كل من يمر بجانبها، وإن الانهيارات الأرضية امتدت إلى البيوت المجاورة وتسببت بتصدعات كبيرة في جدرانها وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الذي يستوجب سرعة معالجة المشكلة قبل سقوط الجدران المتصدعة ووقوع كارثة ربما تتسبب في إصابات أو ضحايا لا سمح الله.

في ”الديرة“ ترك لنا الآباء والأجداد إرثاً عظيماً، تاريخ وذكريات جميلة لتبقى شاهداً على حقبة من الزمن مرت واحتضنت أناس طيبين، ففي هذه البيوت عاش آباؤنا وأجدادنا، ومنها خرج رجالات كان لهم دور بارز في بناء الوطن وتطوره وتقدمه، لكننا للأسف لم نحافظ عليها للتباهي بها وجذب السائحين إليها، لدينا تاريخ للأسف هدته الأيام مع مرور السنين اختفت معالمه وبقيت أطلالاً تشتكي من الوحدة والغربة، لتبدأ تتساقط وتتهاوى الواحدة تلو الأخرى في مشهد حزين فقدنا فيه بساطتنا وجزءاً من تراثنا وتاريخنا.

لا بدا للبلديات من تشكيل لجنة استشارية من المهندسين والفنيين للكشف على البيوت التراثية في المنطقة القديمة ”الدير“ وتقييم خطرها على سكان المنطقة والمارة، وبالخصوص في المنطقة التي هدتها الانهيارات والتشققات الأرضية العميقة، وزارة السياحة والتراث الوطني لا بدا أن تنهض بدورها الوطني للحفاظ على ما تبقى من البيوت التراثية في المنطقة القديمة ”الديرة“ قبل أن تنهار ويخسر الوطن بيوتاً أثرية امتدا تاريخها لمئات السنين، وذلك بتأهيل الأبنية القديمة والطرق والازقة والمحافظة على أصالتها، وتطويرها وفق معايير هندسية متخصصة بترميم الأبنية التراثية ووفق منظور هندسي تراثي.

إعادة وتأهيل بعض البيوت التي من الممكن تأهيلها قد تكون فرصة لإقامة مبنى ثقافي تراثي متعدد الأغراض فيها، يساهم في تطوير المشهد الثقافي في جزيرة تاروت ويكرّس الطابع التراثي والمعماري ”للديرة“ ليكون أول مشروع ضمن خطة إحياء التراث في البلدة القديمة باسم ”عشتار“ للثقافة والفنون" ويضم متحف للتراث الشعبي والثقافي وقاعات تدريبية للفن والرسم والاجتماعات ومكتبة عامة.

وفي الختام إن ترك بيوت ”الديرة“ على حالها تصارع الإهمال وجور الزمن سوف لن يوقف مسلسل الانهيارات فيها، وسوف يصعب علينا الأمر عندما نروي للأجيال الحالية على ما كان عليه جيل الأجداد من بساطة عيش بمنازلهم الطينية الصغيرة، ولن يصدقوا بأننا كنّا نسكن في تلك المباني الطينية الجميلة ذات التخطيط العمراني البديع.