آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 12:26 م

علاقة الفقر بالدماغ

عدنان أحمد الحاجي *

دراسة على الأطفال استمرت 17 عامًا تربط حالة الفقر بحجم مناطق دماغية أصغر وأبطأ نموًا

بقلم براندي جيفرسون

9 أغسطس 2021

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 220 لسنة 2021

17-year study of children associates poverty with smaller، slower-growing subcortical regions

By Brandie Jefferson

August 9,2021

تابعت البرفسورتان لوبي وبارتش أطفالًا من مرحلة ما قبل المدرسة إلى مرحلة البلوغ ووجدتا أن المخرجات السيئة المرتبطة بالعيش في حالة فقر في مرحلة الطفولة متواسطة «بسبب» التغييرات الظاهرة في تصويرات الدماغ

من المحتمل أن يواجه الأطفال الذين يعيشون حالة الفقر[1] . صعوبات معرفية «ادراكية» وسلوكية أكثر مما يواجهه أقرانهم الأيسر حالًا. الكثير من الدراسات السابقة بحثت في الآثار البدنية «الجسمانية» للفقر في مرحلة الطفولة، أو وثقت الفوارق في الصحة العقلية بين الطبقات الاجتماعية والاقتصادية socioeconomic. لكن ديانا بارش Deanna Barch، رئيسة وبرفسورة قسم علم النفس وعلوم الدماغ في كلية الآداب والعلوم في جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس الأمريكية، وزميلتها جوان لوبي Joan Luby، دكتوراه في الطب، وبرفسورة الطب النفسي للأطفال في كلية الطب، أرادتا البحث في مجموعة من المخرجات حتى تتمكنا من البت فيما إذا كانت حالة الفقر تستطرد في التأثير في الناس عند دخولهم مرحلة البلوغ.

وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟

للإجابة على هذه الأسئلة، قامت لوبي وبارتش، وهي أيضًا برفسورة الأشعة وبرفسورة الطب النفسي في كلية الطب. وزملاؤهما بجمع بيانات على مدى فترة زمنية مدتها 17 سنة من عوائل وافقت على المشاركة في مشروع هذه الدراسة، بما فيهم 216 طفلًا في مرحلة ما قبل المدرسة والذين تمت متابعتهم حتى دخولهم مرحلة البلوغ المبكر [تمتد هذه المرحلة من 20 - 35 سنة، بحسب[2] ]. خلال مسار هذه الدراسة، خضع المشاركون الصغار لتصوير الدماغ للمساعدة في استنباط العلاقات بين حالتهم الاجتماعية والاقتصادية في مرحلة ما قبل المدرسة، ووفروا معلومات عن مجموعة من المخرجات - بما في ذلك المخرجات المعرفية «الادراكية» والاجتماعية والنفسية - في مرحلة البلوغ المبكرة[2] .


بارش «يسار الصورة» ولوبي أما جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي

نُشرت النتائج في 14 يوليو 2021 في مجلة الطب التفسي البيولوجي Biological Psychiatry: علم الأعصاب المعرفي والتصوير العصبي Cognitive Neuroscience and Neuroimaging «انظر [3] »

”أولاً وقبل كل شيء: نعم، قالت بارش. حالة الفقر في مرحلة الطفولة المبكرة للأسف تبقى تتنبأ بمخرجات سيئة في جميع هذه المجالات.“ وهذا يبقى صحيحًا حتى لو تغيرت الحالة الاجتماعية والاقتصادية للطفل قبل سن البلوغ.

وأظهر البحث أن مخاطر هذه المخرجات تتم «تتواسط» من خلال تطور الدماغ.

”نعتقد أن الفقر وجميع الأشياء المرتبطة به“ - مثل الضغط النفسي والتغذية غير الكافية «سوء التغذية»، وقلة فرص الحصول على الرعاية الصحية - ”تؤثر على تطور الدماغ“. كما قالت بارش. ”لو تمكنا من كبح حالة الفقر، يمكننا المساعدة في تطويق بعض هذه المخرجات السلبية.“

لعمل هذه الدراسة، قام الباحثون بحشد مقدمي رعاية أولية [المترجم: أفضل مصداق لمقدم الرعاية الأولية هي الأم] وأطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات. استخدموا استبيان معين لهذا التحشيد من شأنه ضمان وجود المزيد من الأطفال الذين يعانون من أعراض اكتئاب مرتفعة المستوى. سيسمح هذا لاحقًا للباحثين بفصل تأثيرات حالة الفقر عن الاضطرابات النفسية الراهنة[4] .

أُجريت مقابلات مع الأطفال بوتيرة سنوية، وكذلك أُجريت مقابلات معهم بمجرد بلوغهم سن 16 سنة على الأقل، آجرى الباحثون اختبارًا على الوظائف المعرفية [راجع [5]  لمعلومات مفصلة عن الأنواع الثمانية لهذه الوظائف] والاضطرابات النفسية[4]  والسلوكيات المحفوفة بمخاطر عالية المستوى [المترجم: بحسب التعريف: هي المخاطر التي تؤدي الى أمراض أو الى جروح] والفعاليات التعليمية والاجتماعية. خلال فترة ال 17 سنة، خضع المشاركون أيضًا لخمس عمليات تصوير للدماغ لقياس أحجام مادة الدماغ الموضعية local والكلية global، مما يمنح الباحثين معرفة معمقة فريدة عما إذا كان تطور الدماغ عاملًا وسيطًا بين متغييرين [المترجم: التعريف الوارد لمصطلح mediating factor] - هل التغييرات التي تحدث للدماغ لها علاقة بحالة الفقر الذي يعيشه المرء؟

بعد التحكم في المتغيرات بما في ذلك سايكلوجية الأمراض psychopathology «انظر [6] » في مرحلة ما قبل المدرسة وأي أحداث حياتية هامة عبر هذه السنين من العمر، تمكن الباحثون من إثبات أن الحالة الاجتماعية والاقتصادية في مرحلة ما قبل المدرسة مرتبطة بالوظائف المعرفية والسلوكيات المحفوفة بمستويات مخاطر عالية وفعاليات «وظائف» اجتماعية وتعليمية بعد 13 عامًا من انضمام أولائك الأطفال بهذه الدراسة.

أظهرت نتائج تصوير الدماغ العلامات البدنية «آثار» لحالة لفقر.

الأطفال الذين كانوا يعيشون تحت مستوى خط الفقر في مرحلة ما قبل المدرسة لديهم أحجام أصغر لمناطق دماغية تحت قشرية معينة، بما في ذلك الحُصين والنواة المذنبة caudate والبطامة putamen «انظر[7]  و[8] »، والمهاد. كما قالت بارش. ”لكنهم أيضًا كان لديهم نمو أقل في هذه المناطق بمرور الزمن“. ”لذا فهم يبدؤون بحجوم لهذه المناطق الدماغية المعينة أصغر ولا يتغير حجمها تغيرًا يذكر.“

المناطق تحت القشرية ليست هدفًا رئيسًا للدراسة لأنها ليست بالضرورة مسؤولة عن وظيفة معرفية أو مشاعرية «انفعالية» معينة. ولكن، يجب أن تنتقل المعلومات من خلالها للوصول إلى مناطق الدماغ المرتبطة بالوظائف التنفيذية العليا[9] .

قالت بارش: "المهاد، على سبيل المثال، لا يحظى دائمًا بالكثير من الاهتمام في الأبحاث المنشورة، ولكنه هيكل «بنيوية» ترحيل هام للغاية يساعد في تنسيق نقل المعلومات من جذع الدماغ إلى المناطق القشرية العليا [المترجم: التي يطلق عليها الباحات الترابطية وتتدخل بين المدخلات الحسية والمخرجات الحركية، بحسب[10] ].

قالت بارش: ”تعتبر مناطق الدماغ هذه بمثابة نقاط مرجعية «علامات» waypoints هامة على طريق [نقل الاشارات] السريع في الدماغ“. وهي حساسة بشكل خاص للعوامل البيئية كالملوثات أو سوء التغذية، وهي عوامل من المرجح أن تؤثر على أولئك الذين يعيشون في حالة فقر.

لكي نكون واضحين، هذه البيانات لا ترسم صورة حتمية. ”الكثير من الأطفال يحققون مخرجات رائعة على الرغم من أنهم عاشوا في حالة فقر“ كما قالت بارش. هذا غالبًا بسبب أنهم حصلوا على دعم وموارد إضافية. تقوم بارش بوضع هذه النظرية على المحك في البحث القادم حيث ستتابع هي وزملاؤها آثار الإعفاء الضريبي للطفل على نمو الأطفال[11] .

”النشأة في حالة فقر تجعل الأمور أكثر صعوبة على الناس، لكن يمكن كبحها“. كما قالت بارش. ”هذه أخبار جيدة: يمكننا فعل شيء حيالها.“

بطريقة ما، الأطفال - والذين هم بالغون الآن - قد قاموا أنفسهم بالمساعدة، في ايجاد إجابات على الأسئلة وذلك ببساطة من خلال مشاركتهم في مشروع الدراسة هذا، عامًا اثر عام. وكانوا مداومبن علي المشاركة خلال فترة المراهقة وحتى بمجرد أن أصبح بعضهم آباءً. ”إنه لأمر مدهش حقًا“. ”لقد قدموا مساهمة كبيرة خدمت العلم،“ كما قالت بارش.