آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

تهيؤ محمد وآله لعاشوراء

صالح مكي المرهون

تهيؤ محمد وآله لعاشوراء، وهي عطاء محمد وآله في هذا الزمان، كيف يتهيؤون وماذا يعطون؟

نقول على لسان محمد: منذ اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة نبدأ بالعطاء، ماهو هذا العطاء؟

أولا لمن يتقدم إلى عالم المعصومين بفعل، فكل من يتقدم إلى العالم المعصومي تقدما بفعل يرجع وعليه صبغة من الحزن، وصبغة من حب التأمل والهدوء والرغبة في المعيشة العاشورائية، لا أقصد الرغبة في الخروج والاستماع، كل من يتقدم لأي سبب بابتسامة بصدقة كل من يتقدم إلى حيزنا ترى صبغة الحزن عليه، خاصة الهادئ، حزن حزن، وهذا الحزن ليس للشيعة فقط، وإنما للفتح باب روحه الغير ناصبي يأتي إلى حيزنا أيضا، فتراه حزينا، والحزن هنا ليس بهم، ليس بضيق، بل حزن بهدوء، حزن بتفكر وتمعن، وهذا حزن حقيقي، الواجب استغلال هذا الحزن وهذا الهدوء في التفكر والتمعن في عاشوراء، وما هي عاشوراء، أي بداية عطائنا هو إشعال الشرارة، الروح نصيبها وجائزتها هو التقدم ويكفي، وغير هذا نحن موجودون في حيز لنقل عليه سواد، فتأخذ وتشم وتكتسي، أي تصطبغ الروح بالسواد الموجود في ذلك العالم، والسواد هنا ليس التلوث كما هو واضح، بل الحزن، تعيش الروح بعد ذلك لابسة ثوب الحداد.

هذا الحداد يدركه العقل بهدوء بتفكر بتمعن بسيط، ويزداد كلما عاش عاشوراء، أي أن التقدم بذاته يعطي، أي أن فعل الجميل يعطي، أي أن التميز يعطي، بمعنى أن الحزن من النعم، من نعم الله على الشخص، بعنى أنك تعيش العالم الذي يعيش فيه محمد وآله، هذه نعمة كبيرة، فيشكر الله من أصيب بقليل من الحزن، يزيده ويشعله التفكير، ودورنا نحن ونظرتنا إلى العالم كأرواح، إلى الأرواح الموجودة في الدنيا، نحن نعيش عاشوراء، نعيش الإصرار، أي أن الحسين يعطينا غذاء روحي حتى في عالمنا هذا، قد تقول أنت يا محمد لا تحتاج إلى غذاء روحي وأنت في البرزخ! أقول لي إطلاع، ولي يد في هذه الدنيا، أليس كذلك؟ فمن الحسين ومن التهيؤ لأيام عاشوراء نأخذ ما يحتاجه الأنبياء للأنبياء وغير الأنبياء، فنعطي عطاء عاما، نعطي الأرواح التي في الدنيا كلا على حسبه، نعطيها نصيبا من الحزن.

لماذا الحزن؟ لماذا لا نعطيه فرحا لينظر إلى الجانب المفرح، هو ليس المفرح بل الجانب الجميل من كربلاء؟ نقول الفرح الذي نعطيه للأرواح يظهر بمقاييس دنيوية كل على حسبه، بعقله يدرك ويستطيع أن يدرك، ولكن كما قلت لماذا لا يظهر فرحا، لأن الحزن اهذا الحزن هو الهدوء، الفرح ليس هدوء، الفرح فيه رغبة للمزيد، نحن في أفراحنا من يفرح روحيا نعطيه أكثر، الفرح الروحي يعطي العقل كأنما تنشيط ورغبة في الابتسامة في أي شيئ ترتاح له الروح، هو ليس فرحا فرحا، وإنما تعبير لما يخص الروح قلنا فرحا، هذا هو الشيئ المطلوب للتقدم والتفكر نعم، ولكن هنا نعطيه حزنا أولا لماذا؟

لأن الحزن هو الهدوء، والعقل يحتاج إلى الهدوء، والمؤمن يحتاج إلى التفكر في عاشوراء، لذلك الحزن لايكون لأجلنا للمواساة أو للقربى، بل نعطيه ليهدأ، نعطيه ليتفكر، نعطيه ليشغل طول وقته بإزعاج نعطيه الحزن ليهدأ، نعطيه الحزن حتى جسمه يهدأ ويدخل في مرحلة حداد، نعطيه الحزن لئلا يبتسم، هل هي ممنوعة الابتسامة؟! هي ليست ممنوعة، أنت حر، ولكن من باب الأدب، لنقف ولنفسر ما هي الابتسامة؟

الابتسامة في عاشوراء تعطي الروح فرحا وسرور، ومن قال أنك مأثوم على الابتسامة لا، المقصود بالابتسامة هنا القهقهة، فالقهقهة تنافي مطلب الروح في هذا الموسم، أي عاشوراء، وتنافي العقل، اي العقل يريد الهدوء والحزن، القهقهة ترجعه إلى الوراء، لا نريدها، لانريد الخروج من مجلس والدخول في مجلس وبكاء مستمر، يكفي البكاء، فالبكاء في الحزن، يختلف عن البكاء في فرح، البكاء في فرح لايتعب الأعصاب مثل البكاء في حزن، لذلك من الواجب أو من المستحسن أن يترك للعقل فترة لمراجعة الأمور.

اللهم اجعلنا من البكائين على الحسين، تبكيك عيني يا أبا عبدلله لا لأجل مثوبة ولكن عيني لأجلك باكية.

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين، .