آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الامام الحسين (ع) وقيم التضحية

عبد الرزاق الكوي

يمثل أهل البيت قيم ومبادىء الإسلام، في حجر النبوة تربوا واكتسبوا السيرة العطرة وعبروا بتحركاتهم عن الواقع الصادق والحقيقي للدين، فهم أهل العصمة ومكارم الأخلاق وحملة الأمانة العظيمة في تبليغ قيم السماء، فأصبحوا القدوة الحسنة بتكاملهم فالعالم على مر العصور ينعم بوجود تراثهم وسيرتهم العطرة.

الرسول ﷺ كان المربي الأول ومن بعده أمير المؤمنين مع مجموعة صادقة من أصحابهم أخدوا على عاتقهم بناء المشروع الإسلامي وارساء قواعد المجتمع العادل والحقوق المكفولة فقدموا أجل وأعظم الخصال ومنها التضحية وما واكبهم في هذه المسيرة من أذى ومعاناة ومظلوميات من كفار قريش والمنافقين، اتهم فيها النبي ﷺ بالسحر والجنون كأي مصلح يراد له التسقيط والتخلي عن مشروعه، كانت التضحية من أجل هذا المشروع او يموت دونه لو أعطي الشمس بيمينه والقمر بشماله ماترك هذا الامر، قدم مع المهاجرين والأنصار نموذجا مشرفا بتقديم التضحيات الشخصية في بداية الرسالة من أجل حفظ رسالة الإسلام بإمكانيات صغيره في مواجهة عتاة قريش وإمكانياتهم الكبيرة، سار على هذا النهج أئمة أهل البيت مدافعين مستبسلين في الدفاع عن الدين وحماية الإسلام.

وفي هذه الأيام من العز والكرامة تتجلى المثل الأعلى في التضحية في عمل لا يقارن به أي عمل، قدم فيه الإمام ابو عبدالله الحسين نموذجا من التضيحة لا يضاهى قدم فيه ابناءه وأهل بيته ومجموعة قليلة من الصالحين المتيقنين، تيقنوا ان التضحية هي السبيل في اعلاء كلمة الله وحفظ الدين وحماية الإسلام وارساء مكارم الأخلاق، ضحى الإمام وأهل بيته وأصحابه وهو ينظر بعين المنتصر ان قيم الاسلام لم ولن تموت وهي تسقى بالدماء الطاهرة والأنفس العزيزة، كان الخيار هو أصعب الطرق وأقسى المواجهة في جو تكالبت فيه قوى البغي والضلال في تزييف الواقع وتحريف القيم، وصل الحال الى القول الظالم والتزييف البين ان الحسين قتل بسيف جده، فكيف يكون سيد شباب أهل الجنة وهو يقتل بسيف جده، فالحسين كأبيه وأخيه، تبيان لمن يكون المنافق او من يعيش قيم الإسلام.

قال الامام الحسين : «هون ما نزل بي أنه بعين الله تعالى».

ان هذا الرقي واليقين الصادق ولد كل تلك التضحيات الجليلة، استقامة ولدت نماذج اصبحت منار لكل الأجيال من أجل إنسانية تنعم بكامل حقوقها او الموت دونه، كان بينهم وبين الموت ساعات قليلة عاشوها في انتظار تحقيق النصر الأبدي بيقين صادق واعتقاد راسخ ان الأوضاع على الساحة يحتاج تضحية، كان تقديم الأنفس الطاهرة هو الخيار فكانت الشهادة بأعظم صورها وارفع مكانتها، وبأعلى مصاديقها، أنتصارا بقى مدويا على مر العصور والأزمان، ان يسمعوا فيها نداء الإمام اما من ناصر، فيبرز المضحون لينيروا سماء مجتمعاتهم من نفحات قيم الحسين . كل محب للإمام ان يجعله قدوة للتمثل كلمة لبيك ياحسين واقع على الأرض يتجسد بفعل الخير والحث عليه.

فالقرآن الكريم أثنى على المضحين من أجل القيم العظيمة والدفاع عن الإنسانية، لهم خصوصيات ومكانة في الدنيا وطيب المقام في الآخرة، فالتضحية عمل نبيل اذا كانت من الجانب الفردي واذا تكامل الأفراد في تشكيل مجتمع مضحي من اجل وضع اساس لمجتمعات سليمة وحية بترسيخ ثقافة التضحية والنصيحة لتصبح سمه من سمات المجتمع.