آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

هذا أخطر سؤال سألته في حياتي!

المهندس هلال حسن الوحيد *

الآن، وقد هدأ الغبار الثائر من فوقِ الأرض ودبك الخيول، وحُسمت المعركةُ - العسكريَّة - بين الحسين عليه السَّلام والمعسكر المضادّ له، بقي أخطر سؤال أسأله نفسي كلَّ يوم، وليس عندي من جواب! ماذا لو كان عاشوراء اليوم، في أيّ صفٍّ أكون أنا؟ أرجو أن تكونوا أنتم سألتم أنفسكم، وعرفتم بكلِّ يقينٍ وثبات في أي صفٍّ ومع أي جهةٍ تقفون!

في صفّ القتلة، الذين تجمعوا بأنواع وأنماطِ الأسلحة، في يدي حجر، أو رمح أو سيف، أو عصا؟ ً على شريعةِ الماء ذائدًا عنها الحسين وأصحابه بكلِّ قوة؟ سالبٌ قرطًا من أذن طفلة أو مختطفٌ خمارًا من فوق رأس امرأة؟ هنا الدنيا، هنا المال والجوائز والخُلع!

صحفيُّ، لا شأن لي بهذا وذاك! أحمل قرطاسًا وقلمًا مثل حميد بن مسلم، أسأل المرأةَ والطفل وأسجل مشاهداتي، لا للحسين ولا عليه؟ أدَّعي الحيادَ وأستجدي البراءةَ من الذَّنب والصَّفحَ من التَّاريخ؟ هنا السَّلامة، هنا الحياة!

يا ليتني كنت معهم، ثم لبيك يا حسين قلتها مرارًا! لكنها معركة محسومة النتيجة بالموتِ والتَّقطيع والتنكيل تحت عنوان الشَّهادة والسَّعادة؟! أتمنى من كل قلبي أن العبارات التي رددتها لم تكن ببغائيَّة، وقلتها خوفًا من أن أظنّ بنفسي ويظنّ النَّاسُ بي شرّا، وعندما تحين السَّاعة، لا شيءَ من هذه الأمنيات!

أعاننا الله، الدّنيا بحر فتَّان، يغرق فيه أناسٌ وينجوا آخرون! ”يا الله يا رحمان يا رحيم، يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك“، ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ.

لا تعتقد أن هذا السؤال تافه، فهناك من رأى الحسينَ، وهم كثر، ثم خذلوه وقتلوه، وأخطرهم من وقف على التل يسجل الحوادث، لا له ولا عليه: يحكي التَّاريخ أن الحسين طلب من عبيد الله بن الحرّ الجعفيّ الخروج معه، لكنه رفض، ثم ندمَ بعد مقتل الحسين وأخذته الحسرة والأسف فقال:

فيالكِ حسرةً مادمتُ حيَّاً *** تَرَدَّدُ بين صدري والتراقِي
حسينٌ حين يطلُبُ بَذْلَ نصرِي *** على أهلِ الضلالةِ والنفاقِ
غداةَ يقولُ لي بالقصرِ قولًا *** أتترُكُنا وتُزْمِعُ بالفراقِ
ولو أنّي أُوَاسيهِ بنفسي *** لنلتُ كرامةً يومَ التَّلاَقِ

ثم هناك الحر بن يزيد الرِّياحي، كان في المعسكر الآخر حتى آخرَ ساعة، فإذا هو به واحدٌ من الشهداء يقول عنه الحسين: ”بخٍ بخٍ يا حرّ، أنت حرٌّ كما سمّيت في الدّنيا والآخرة“.

مستشار أعلى هندسة بترول