آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

الحلَّاق والطَّبيب!

الغنى والمال ليس في وظيفةٍ دون أخرى، فواحدٌ من الشبَّان الذين أعرفهم تخرج من جامعةٍ غربيَّة وعمل في وظيفة مع شركة براتب مقداره سبعة آلاف ريال، لكنها أنهكته، ثمَّ تركها ليعمل في وظائفَ حرَّة، وها هو يكسب أكثر بكثير من الوظيفة. وشابٌ آخر لم يكمل دراسته الأكاديميَّة، اشترى عربةَ أكل، وهو يحمد اللهَ ويشكره على الدخلِ الجيِّد.

فكما يحق للطبيب أن يفخر بمهنته، يحق أيضًا لهؤلاء - مع احترامِ كل مهنة - أن يفخروا بمهنتهم ويكسبوا منها أقواتهم، وكل عمل يخدم وينفع الفردَ والمجتمع هو عمل ذو قيمة، ولا يستهان به. وبصراحة، لا تستقلل من كسبِ الحلَّاق وغيره من المهن الشريفة!

ولكي لا يفهمني القارئ الكريم القدرِ خطأً، فأنا لا أساوي بين مهنةٍ وأخرى أو اختصاصٍ وآخر، بل ألفت نظره الى قيمة كل الأعمال التي بدأ بعض الشبَّان والشابَّات العمل فيها، ولا يزالون يترددون ويستنكفونَ عن العملِ في غيرها، وأنّ من واجب المجتمع والآباء والأمَّهات ليس فقط احترام جميع المهن الشريفة، بل دعم ودعوة الأبناء والبنات في العمل أينما توفرت لهم الطَّاقة والرَّغبة.

كانت كل المهن - تقريبًا دون استثناء - يعمل فيها أهل البلاد أو من القرى والمدن القريبة منها، البنَّاء، والفلَّاح والحلَّاق والميكانيكي والفاكهاني والجزَّار، وغيرها من مهن وحرف، ثم تركوها إلا ما ندر! ولو كُشف الغطاء عن الزمن الماضي لعرف أبناءُ هذا الجيل أن الآباء كانوا نجَّارين وحدَّادين وأهل صناعة قبل أن تطأَ أرضهم أقدامُ العمَّال الأجانب. كانت الحياة صعبة لكن أهلها عاشوا تحت عنوان ”مهنة في اليد أمانٌ من الفقر“.

لكل ضائقة منافع، ومن المنافع الآن عودة الشبَّاب إلى العمل اليدوي، في مختلف المهن، ويبقى من الأهل والمجتمع لهم حق التقدير والتشجيع والعون. وفي كل يوم نسمع قصصًا، من شبَّان وشابَّات، لم يجلسوا عاجزين حيارى، بل اكتشفوا مواهبهم ووصلوا إلى مداخيل ماديَّة جيِّدة ورضا عن النفس، ولو عرضت عليهم الآن الوظيفة رفضوها!

مستشار أعلى هندسة بترول