آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:07 م

أفغانستان.. والنظام العالمي الجديد

عبد الرزاق الكوي

منذ بدأت الحرب العسكرية للتحالف الغربي ضد دولة أفغانستان في 8 اكتوبر 2001، وامتدادها ما يقارب العشرين عام، بدأت بضربات جوية قاسية لم يستثنى حتى المدنيين ومن بعدها بدأت الحملة البرية وسقوط دولة أفغانستان، ذهب من جراء ذلك عشرات الآلاف من القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعاقين والمشردين والأرامل والأيتام، وسجون علنية وأخرى سرية ارتكبت فيها من اعمال ما يصل الى جرائم الحرب الذي يحاسب فاعلها ويجرم من قبل الهيئات الدولية المختصة، حيث انتهكت جميع الأعراف والمواثيق الدولية بدماء باردة استخدمت فيها شتى الأسلحة المحرمة وفعلت المخابرات افعالها كحقل تجارب ودراسات لمدى تأثير الأسلحة وتجارب كثيرة في السجون تفنن في عملها بدون رقيب أو حسيب «اذا كان خصمك القاضي من تقاضي»، كل ذلك يعتبر ارهاب ليس على مستوى مجموعات تكفيرية او متطرفة خارجه عن القانون بل ارهاب على مستوى دول، هذه الدول تملك جميع الإمكانيات على المستوى المتقدم، جندت كل تلك القوى في حق الشعب الأفغاني، والأيام كفيلة بكشف الكثير من الإجرام الممنهج والمعاناة جراء ذلك الوجود الطويل، وما خلفه من أوضاع مزرية في البنية التحتية لكل المرافق سواء الصحية او الخدمية والاقتصادية وغيرها تحت تغطية إعلامية مزيفة هي انقاذ الشعب الأفغاني من إرهاب المنظمات المتطرفة، ما فعل في أفغانستان جعلها تعود للقرون الوسطى وفي ظل التردي الاقتصادي والصحي ليس على نطاق أفغانستان بل على نطاق العالم يبدو مدى الخطر الذي ينتظر الشعب الأفغاني المظلوم، مليارات ذهبت من اجل تدميره ويحتاج الى اضعافها من أجل تعمير ما هدم من قبل الغزاة التكفيريين والإرهاب الدولي.

فالمحكمة الجنائية بعد ما طفح الكيل بالانتهاكات تنادي على استحياء بتحقيق عن جرائم حرب من قبل قوات التحالف التي سيطرت على أفغانستان بالنار والحديد، تشمل هذه الانتهاكات جنود وعاملين ووكالات الاستخبارات المركزية وما فعل من جرائم في السجون السرية وقصف للمواقع المدنية وغيرها من الانتهاكات التي لا تعد ولا تحصى.

فالقوى العالمية بما تملك من فكر استعماري لا تفكر في النتائج ولا العواقب ولا العبر، فمثلا تاريخ أفغانستان مر بانعطافات كثيرة من اجل السيطرة عليه منذ عام 1839 من دولة تفتخر انها الدولة الذي لا تغيب عنها الشمس فغابت شمسها، وبقت دولة أفغانستان، حيث فشلت في احتلال هذه الدولة المسلمة، وجربت القوة الشيوعية وما تملك من قوة عسكرية محملة بأيدولوجياتها الشيوعية فتلقت هزيمة نكراء تفكك فيها الاتحاد السوفيتي وبقت دولة وشعب أفغانستان، بعد ان سلط عليها المجموعات الإرهابية التي كانت الطعم من اجل تدخل القوى الغربية، وفي عام 2001 كان التدخل الغربي السافر، فعاث فسادا على مرور عشرين عاما، فانهزم الغرب شر هزيمة لكن بعد دمار البلاد وقتل العباد والاتفاق الذي سلم فيه أفغانستان كعكة التخاذل والتخلي عن كل المبادئ، تحت مصالح بعضها ظاهر للعيان وبعضها تم الاتفاق عليه في الغرف المغلقة، بالتمهيد لإشعال حروب طائفية ودينية وقبائلية وأهلية، ببرهان واضح ان لا صديق للمعسكر الغربي، بل هي اطماع وهيمنة وتسلط على مقدرات الشعوب المستضعفة، وهذا ليس وليد اليوم فقد فشلت سابقا ولم تتعظ وفشلت في أفغانستان ولم تفكر في العواقب وسوف تفشل مثل هذه السياسات الخارجة عن الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، مع هذا التراجع تبرز دول لقيادة العالم والانفكاك من الهيمنة الأحادية على مقاليد الشعوب تأخد العالم لمستقبل افضل بعيدا عن ويلات الحروب وبناء علاقات متكافئة.

كما دمرت البنية التحية والاقتصاد بان بكل وضوح هدف التدخل وهو تفتيت القوة العسكرية لكل بلد، وان ذلك كان مخطط له ان تصبح هذه الدول ضعيفة مفككة تزرع ببقايا من مخلفاته من تنظيمات ارهابية وعملاء ينفدون أجنداتها، فالعالم فقد الثقة بالنظام العالمي الجديد، فالشعب الأفغاني يتمثل بهذه الابيات

ان لم يمت بالسيف مات بغيره

تعددت الأسباب والموت واحد

خرج الشعب الأفغاني من الطين فكان أمامه الطحين، خلص من حالة مرضية كانت شبه مستعصية الى حالة من المجهول، تعود بلاده بفعل فاعل للقرون الوسطى، كل يوم يسقط فيها الكثير من القيم والمبادئ على يد من يدعون حمايتها.