آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

إزدواجية المعايير

عبد الرزاق الكوي

إزدواجية المعايير تعتبر نوعا من النفاق: «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان»، واختلال في شخصية من يقوم بهذا الفعل سواء على المستوى الفردي او عندما تقوم بهذا الفعل الغير منطقي دولة او مجموعة دول أو تحالف دول عظمى ضد الآخرين، هذا الفعل اصبح سمة من سمات السياسة العالمية في كثير من افعالها حيث يكرس أعظم انواع التضليل والتزييف والخداع واللعب بالمصطلحات تحت هالة اعلامية ضخمة تقلب كل الأوضاع يتحول الصواب خطأً والخطأ صواب حسب الحاجة والتطلعات وما يولد عن ذلك من المآسي الآنية والمستقبلية، تطلعات شخصية ومزيد من الهيمنة على المستوى العالمي بدون اي قيم او رادع تصبح تلك الأعمال ليست تحت مظلة مواثيق عالمية متفق عليها بل يصل الحال الى عملية بلطجة سياسية يقاد من طرف أو مجموعة عصابات لا من دول عظمى تدعي التقدم والتطور.

العالم يعيش تحت رحمة تلك القوى وسياستها الازدواجية وما تصدره من تقارير سنوية وتدخلات في شؤون الدول الاخرى وتهديد امن دول مستقلة، هذه تملك أسلحة نووية يجب ان تحاصر، ودولة تملك اسلحة الدمار الشامل تشن عليها حرب، واخرى ترتكب بها جرائم ضد الإنسانية تمارس عليها اقصى الضغوطات وغيرها من الكلمات الرنانة الإصلاحية واكثرها غير حقيقية، وما يخفى وراء ذلك مجموعة انتهاكات وتجاوزات لا تعد ولا تحصى تجهز لها قوالب تستخدم وقت الحاجة فقط عصى يضرب فيها بلدٍ مستهدف بعيدا عن كل الأعراف والمواثيق الدولية والصمت المطبق عن ما يحدث في دولها من عنصرية وانتهاكات، كذلك غض الطرف عن جرائم لدول حليفة لها وكأنها خالية من الاضطرابات والمشاكل وقمع ومظلوميات للأقليات وغيرها من القضايا والانتهاكات، توزع شهادات حسن السيرة والسلوك حسب ما يمثله الطرف الآخر من خدمات وما يوافق السياسة العالمية بنظامها الخاص مما يوفر لها موطئ قدم ومزيد من التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول ضاربة بعرض الحائط بمصير الآلاف من القتلى والجرحى والمعاقين والمشردين وتشتيت العوائل في اصقاع الأرض تدخلات سافرة وظالمة تصل الى نوعا من البلطجة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتفتيت البنى التحتية لدول صاحبة حضارة ومكانه محترمة تدمر عن بكرة ابيها وتضرب قوتها العسكرية وينهك جيشها واشغاله بمواجهات مع تنظيمات إرهابية وهذا ماحصل في أفغانستان وغيرها من الدول، الدول القوى على استعداد تام في تغيير مواقفها حسب المصالح الخاصة وليس عمل يخدم المصالح المشتركة، تصنف الدول ليس بعدالتها ورضى شعبها بل ما يلائم أهداف ومشاريع الدول العظمى وتقاسم الكعكة بينهم تحت ضعف وصمت المؤسسات الدولية المغلوب امرها وتعمل تحت ضغط وتحقيق اهداف تلك القوى.

الفاتورة التي يدفعها العالم من جراء الازدواجية المقيته والأفعال المشينة مزيد من دماء الأبرياء، تحت مظلة المزيد من الشجب والاستنكار والتنديد على اعمال هم اقترفوها، ومن بعد ذلك الضغوطات الاقتصادية والحصار وتهديد بالتدخل باستخدامهم مصطلحات جاهزة حتى لو مات شعبا جوعا ومرضا بسب الحصار واشعال فتيل الحرب وتسليط التنظيمات المسلحة حيث تصل تلك الاعمال الى جرائم حرب.