آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

وقع خطى الأربعين

حكيمة آل نصيف

ورد عن الإمام العسكري : علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين،، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» «بحار الأنوار ج 98 ص 329».

الحسين ذاك المعشوق من جميع أصناف البشر على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم، فلم تنحصر محبة الحسين في قلوب شيعة أهل البيت، وإنما هناك الكثير من الناس من يعشق الحسين ويهيم حبا في ذاته، فلو استقرأنا التاريخ وعملنا استبانات لوجدنا الكثير ممن يعشق الحسين لذاته الملائكية، فهو رمز الحرية والإباء والكرامة، وهو عنوان العبادة الحقة ومنهج الصلاح والاستقامة، والذي ظهر جليا في مجابهته للظلم والطغيان، رافضا الخنوع والذل للطغيان وأتباع الشهوات.

هذا الحسين نلاحظ الملايين يقصدون زيارته في مختلف الأيام والأوقات، ولكن هناك خصوصية ليوم الأربعين من استشهاده، حيث يصادف يوم وصول الآل الكرام لكربلاء مرة أخرى بعد مسيرة كلها آلام ومحن جرت عليهم، فلماذا هذه الخصوصية في هذا اليوم بالذات عن غيره في استحباب الزيارة للحسين ؟

ما نصت عليه روايات أهل بيت العصمة من استحباب الزيارة في هذا اليوم، فمن علامات المؤمن أن يوفق لزيارة الأربعين.

وإن كنا ممن وفق لزيارة الحسين في هذا اليوم العظيم - وهو يوم الأربعين - فلابد أن نضع أمام ناظرنا الأهداف الأساسية من هذه الزيارة المباركة والإعداد الصحيح لها والتي تتوافق مع أهداف الحسين وأهل بيته الكرام من نهضته المباركة.

فكل شخص يوفق لزيارة المولى الحسين فنيته السليمة معقودة بمواساة أهل البيت بهذا المصاب العظيم، نستذكر حال بنات الرسالة وما جرى عليهن من مصائب ومحن، ولنتصور حال إمامنا السجاد بوحدته وأسره طوال تلك الرحلة المؤلمة، وتحسره على عشيرته وأهله وما حل بهم من ظلم وعدوان.

فكيف تكون مواساتنا لهم؟

وهل هي فقط بتواجدنا على أرض كربلاء بأجسادنا أم المواساة لها أسس ومبادئ؟

لابد أن نعد أنفسنا ونتهيأ للمواساة الحقيقة الصادقة النابعة من قلوب محترقة على مصاب الحسين وما جرى على أهل بيته الأطهار، وتلك المواساة لابد لها من إعداد ظاهري وروحي.

الإعداد الظاهري ما كان ظاهرا ومنطبعا في سلوكنا لنكون ممن يواسي أهل البيت مواساة حقيقة وصادقة، مظهرنا الخارجي هو الذي يدل على الإعداد الظاهري للزيارة، فعندما نتصور بعين القلب حال الحوراء زينب وحال امامنا السجاد وبقية العترة الطاهرة في طريق عودتهم ووصولهم لكربلاء، كيف بدت ملامح الحزن والهم على نفوسهم الطاهرة وأجسادهم ووجوههم.

فلابد أن نتخذ الحزن والهم والبكاء سبيلنا طوال تلك الرحلة، فليس من المواساة أن تدخل على الحسين بوجه مستبشر وفرح، بل لابد من إظهار اللوعة والألم للحسين وما جرى عليه.

ونحن في طريق السير لكربلاء لابد أن نلتزم بواجبات وفروض الدين الإسلامي والتي أولها المحافظة على الصلاة، والذي رأيناه جليا في سلوك الحسين وأصحابه وأهل بيته حتى مولاتنا الحوراء زينب صلاة الليلة المستحبة لم تتخل عنها.

وحجابنا كنساء كيف حافظت مولاتنا زينب سلام الله عليها على حجابها وحجاب بنات الرسالة، فهذه رسالة لنا فالحسين لن يقبل ولن يرضى عن من تتهاون في حجابها وسترها، فمن مبادئ الحسين وأهدافه استقامة الدين الإسلامي بمختلف جوانبه.

لذا علينا أن نثبت لأنفسنا أولا ولجميع من يشكك في مسيرة الأربعين أننا نسير ونزور الحسين ضمن أهداف مدروسة رسمها الحسين لنا بسلوكه.

وأما عن الإعداد الروحي فلابد أن نعي مضامين أدعية وكلام أهل البيت سلام الله عليهم بعين القلب، فتضج أرواحنا وقلوبنا بالحسرة والألم قبل أن تنطقها ألسنتنا أو تترجمها دموعنا، فنتألم ونحترق روحيا لما جرى عليهم وما وقع من عدوان على بيت الرسالة والذي طال الكبير والصغير منهم.

وعلينا أن نبتعد عن الشيطان وسهامه من خلال التقرب إلى الله بهذه الزيارة الإيمانية فلا يكون له ولأعوانه سبيل علينا، بل نعاهد الله من أقدس البقاع بأننا نسير وفق منهج الحسين الشهيد، الذي دفع دمه وكل ما يملك في سبيل استقامة الحق ودين الله، فهنيئا لمن وفق لهده الزيارة بحقيقتها وأصولها.