آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:06 م

الدمار الشامل

عبد الرزاق الكوي

الأوضاع في افغانستان لها مثيلا في دول مستقلة تم التدخل في شؤونها فكان مصير هذا التدخل الفشل في تحقيق كل الأمنيات والتطلعات للقوى الخارجية بل دمار شامل خلفته وراءها، وخروج تلك القوى العالمية التي تنوي السيطرة والنفوذ بهزائم وفشل فكل ما وطأت ارجلها في بلد الا قال الفساد والإجرام وانتهاك حقوق الانسان والإرهاب وكل شي سيء خدني معك، لم تخرج من بلدًا معمرا بل بلدا يعيش متاهة المشاكل يجر ديول الضعف والتراجع والتخلف على جميع الاصعدة من الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، سياسة تخفي كم هائل من الأحقاد والكراهية لما دونهم، عشرين عام في افغانستان وقبلها وبعدها سنوات من العذاب ابتليت الشعوب المسالمة والضعيفة في الشرق الأوسط بشتى المحن، والتي ختامه ليس مسكا بل دمار مع سبق الاصرار والترصد، سوف تبقى آثاره مستقبلا فوجود تلك القوى عمل على تفتيت تلك البدان وتدميرها، بحجة محاربة الإرهاب وهو قام بإرهاب اضعاف ما فعلته المنظمات الإرهابية، فالمنظمات الإرهابية وسيله من وسائله ودرع من ادرعه للقتل والدمار بصفة خاصة وعصى ملوثة بالدماء يهدد بها العالم بشكل عام، كان الامل ان يخرج الشعب الأفغاني من وحل الإرهاب، عشرين عام وما قبله من حروب طاحنة يرجع من تسبب في دمار البلد ليحكم البلد من جديد بفكر رجعي، وتحارب هذه المجموعة كل من يخالفها من الأقليات والأعراق والمذاهب المختلفة معها لا تعترف بالآخر وحقه في المعارضة، فهذا هو فكرها واستراتيجيتها لن تتغير، وهذا ما فعلت القوة المتواجدة في افغانستان قبل الرحيل من هذه البلاد مطمئنين ان هذا البلد هي ايدي يحقق تطلعاتهم ومستقبل هذا البلد، بل يؤثر اسلوب الحكم على الدول المجاورة، يرغب التحالف المسيطر على دولة أفغانستان باعتبار هذه الحركة تملك فكرا تكفيريا، فالمحتل ترك هذا البلد فريسة في يد مجموعة تهدد السلم العالمي لا تملك مقومات استلام مقاليد بلد انهكته الحروب ودمر اقتصاده وهدمت بنيته التحتية، لم يتبقى الا فكرا مريضا معديا يتنقل كما يتنقل اي وباء، الإعلام الغربي المسيطر على الأجواء العالمية يحاول تحسين الوجه القبيح ساعة بعدم الاعتراف بهذه الدولة وهو من حاورها وجلس معها في الغرف المغلقة لتسليمهم السلطة، وساعة يدعوهم باحترام حقوق الانسان، وليس غريبا بين يوم وليلة يعترف بهم ليصبحوا اصدقاء تحت مسميات رفاه وخير وسعادة الشعب الأفغاني، فالقوة التي وجدت في افغانستان على امتداد العشرين سنة لم ينعم فيها الشعب بالحد الادنى بالعيش الكريم ولا الاستقرار على جميع الأصعدة بل خطط لهذا البلد لتصل الأمور الى هذا المستوى الخطير واللاإنساني، فلا جيش ولا اقتصاد ولا مؤهلات دولة يبشر لها بالخير ومستقبل زاهر، وهذا ينطبق على كل بلد وصل لها طوفان الكراهية والحقد من تلك الدول فالعالم يشاهد الواقع الذي وصل له العراق وسوريا وليبيا، ان لا يبقى لكل دولة مقومات الدوله القوية المستقلة، بل سياستها بناء تحالفات تهدد السلام العالمي ونشر الشرور، دول تحت رحمة مجموعات ارهابية وزرع بؤر خلافات دينية او قبلية او مذهبية، قابلة للاشتعال في اقرب ظرف، لتقوي هذا الطرف ضد الآخر في سياستهم المعروفة «فرق تسد»، هذا الوقت يخرج المحتل من افغانستان والمستقبل القريب يخرج من مكان اخر، بعد دمار تلك البلدان بسبب ذلك الوجود، خروجا مخزيا مخلفا وراءه جرائم حرب ضد الإنسانية، في رقبته ملايين القتلى واكثر من الجرحى وتدمير للقوى العسكرية بإشغالها بحروب جانبية وعبثية من قبل المجموعات الإرهابية من ربتهم ودعمتهم وساندتهم في القتل.

فالاستراتيجية لتلك الدول ليس لتبقى الدول الكبرى محتلة للدول المستضعفة بل مكاسب آنية واخرى مستقبلية تجني ثمارها ولو بعد حين، فالضربات الموجهة لها والرفض الشعبي اصبحت غير قادرة على تحمل البقاء اكثر والرأي العام في دولها والدول العالمية الأخرى تكتشف زيف مثل هذا الوجود ولا شرعيته بل جرائم متعمدة وبدماء باردة، وصياغة وضع يناسب مشروعه في مستقبل العلاقات بينها وبين تلك الدول مستقبلا، ان لا تقوم لهذا البلد قائمة سوى ان يكون موضع قلق لمن حوله ويخدم اجندات خارجية تؤثر على البلدان المجاورة.

يعرفوا اليوم وبسبب هزائمهم على كثير من الاصعدة وساحات القتال لا يمكنهم الفوز في حرب مع شعب مقاتل لا يحتاج الى كثرة العتاد بل تعود العيش في اصعب التضاريس لا يوجد عنده ما يخسره يتطلع للعيش بسلام وكرامة، ولهذا عندهم حسابات سياسية واجندة خفية، ان يدمر البلد ويبقى سنوات طويلة وهو يعاني أثر ما حل به في ظل اوضاع عالمية متردية اقتصاديًا، وخير شاهد على ضعف هذا البلد وبعد عشرين عام من الوجود الاجنبي السقوط المدوي والسريع للجيش الذي بنته القوى الغازية لم يستطيع المقاومة حتى الى ايام معدودة وهذا ما حدث لكل بلد دخلته ان انهت قوة الجيش ودمرت قوته العسكرية تدمير شامل.