آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

لا عصمة للدماء ولا وجود للأبرياء

عبد الرزاق الكوي

الهجمات الإرهابية للتنظيمات المتطرفة في أفغانستان تعيد الذاكرة لمسلسل الإجرام السابقة وهذا ليس مستغربا ما يحدث ويتكرر ويستمر، بسبب وجود فكر اقصائي حاقد على كل من يختلف معه بل على كل البشرية، وأفغانستان دولة متعددة الأعراق والمذاهب مرت بصراعات منذ القدم استغل هذا الوضع من قبل اطراف متعددة من التكفيريين وقوى عالمية وإقليمية من أجل خلق بؤر من النزاعات في العالم، كانت الأقليات والمذاهب المختلفة مع توجه قوى الضلال هم الحلقة الأضعف في هذا الصراع، ووصل الى العلن بشكل كبير وواضح عندما سيطر هذا الفكر على مقاليد الأمور في ذلك البلد بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي سابقا وخروج قوات التحالف لاحقا، حيث تعرضت بعض الاقليات والمذاهب المختلفة مع هذه الحركة والتنظيمات الاخرى عقائديا بما يصل الى الإبادة الشاملة مع سبق الإصرار والتعمد، بعد فتاوي تكفيرية وتحريضية، هذه الفتاوي هي من شكلت المجاميع الإرهابية واستمدت من الفكر الظلامي مشروعهم الذي بدأ في الانفلات وعدم المقدرة في السيطرة عليه، مما يؤدي الى قيام اي ضال متشبع بهذا الفكر بعمل ارهابي في اي تجمع سلمي، ويعتبره واجب شرعي في قتل أنفس بريئة ومسالمة ترغب في حياة غاية في البساطة مع ظروف اقتصادية واجتماعية في أدنى مستوياتها.

فالاتباع والأنصار المغفلين اصبحو أداة لمثل هذه المشاريع الهدامة، يبتكرون وسائل قتل يعجز عن شرها ومكرها سيدهم الشيطان الرجيم، لم يسلم مكان للعبادة او مستشفى او جامعات او اسواق، او اي تجمع خدمي، اجساد ممزقة ورؤوس مقطعة واحقاد دفينة لكل مخالف لتلك التوجهات الفاسدة، لم يسلم العالم اجمع وخصوصا من يكشف زيفهم ويناقض توجههم المنحرف، فهم اشد على ابناء جلدتهم من غيرهم، فكرهم هو ما يصرحون به «لا عصمة للدماء ولا وجود للأبرياء»، اصبحت الأقليات المذهبية والمختلفة عقائديا فريسة سهلة لتلك المجموعات، فالجميع غيرهم كافر مباح قتله وينال الجزاء من جراء هذا العمل، يقتاتون على كل عمل قبيح ولا اعظم قبحا واكثر خبثا وفسادا في الأرض من قتل البراءة والطهارة على الأرض. من اقسى مرارة الحياة ان تعيش الإنسانية عدم الاطمئنان والخوف والقلق وعدم الأمان في جميع تحركاتها لا يعلمون متى يقع لهم انفجار هنا او مفخخة هناك، وجثة فاسدة سلمت فكرها للشيطان لتكون آلة من القتل والدمار.

هذا ما خلفته القوى الكبرى والمتحضرة لمثل تلك البلدان وتأصل خلال عشرين عام الماضية في ظل وجود التحالف الدولي، والآن بدأ واقع جديد من التطهير العرقي والتصفيات للاقليات والمذاهب في غياب وصمت مطبق من قبل الهيئات الدولية، اليوم تكمل التنظيمات التكفيرية ما بدأته الأجندات المرسومة والخطط المستقبلية، في القضاء على كل توجه او صاحب موقف يعارض او لا يوافق على المشاريع والاجندات الخبيثة، وكل ذلك باسم الدين وصيحات الله اكبر، فالتحالف الدولي يتحمل جزء كبيرا في ماوصلت له أفغانستان وما يتعرض له الاقليات والمذاهب من قبل التكفيريين.

ان هذه الظاهرة والتي جربت في كثير من مناطق الصراع في العالم الإسلامي لا شك ان وراءها مخطط ان لا تقوم لهذه المجتمعات قائمة فالخاسر الجميع على الأرض الواقع، والكاسب الوحيد سياسات عالمية تعمل على استمرار التوتر في العالم وبالأخص في العالم الإسلامي.