آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 5:33 م

مقاربة «التجارب الطبيعية» الحائزة على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية جعلت الاقتصاد أكثر قوة

عدنان أحمد الحاجي *

تشارك كل من جوشوا أنغريست وجغويدو إمبينز وديفيد كارد في الفوز بالجائزة لإيجادهم طريقة للتعرف على السبب والنتيجة «العلة والمعلول» في العلوم الاجتماعية.

13 أكتوبر 2021

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 285 لسنة 2021

Nobel-winning ‘natural experiments’ approach made economics more robust

13 October 2021


من اليسار إلى اليمين: جوشوا أنغريست وجغويدو إمبينز وديفيد كارد تشاركوا بالفوز بجائزة نوبل لعام 2021 في العلوم الاقتصادية لأبحاثهم التي ساعدت أبحاث الاقتصاد على أن يشهد ثورة في المصداقية.

مقاربة ”التجارب الطبيعية“ للاقتصاد الذي جعلت ثلاثة باحثين يفوزون بجائزة بنك السويد المركزي Sveriges Riksbank لعام 2021 في العلوم الاقتصادية [البنك هو الراعي الرسمي لجائزة نوبل في العلوم الاقتصادية]، ساعد في جعل هذا الحقل أكثر قوة، كما يقول اقتصاديون.

حصل جوشوا أنغريست Joshua Angrist من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «MIT» في كامبريدج، وغويدو إمبينز Guido Imbens من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا وديفيد كارد David Card من جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، على الجائزة لأبحاثهم التي توضح كيف يمكن استنباط السببية من البيانات الرصدية في تجارب العالم الواقعي الطبيعية. استخدمت نتائج دراساتهم لاختبار، على سبيل المثال، كيف يؤثر الحد الأدنى للأجور المختلفة في الوظائف والشركات؛ والآثار الاقتصادية للهجرة.

”السببية هي الكأس المقدسة في علم الاقتصاد“ كما تقول ديان كويل، الخبيرة الاقتصادية في جامعة كامبريدج ومؤلفة كتاب جديد بعنوان ”Cogs and monsters: what economics is، and what it should be“ [وترجمة Cogs and monsters: القوى المستقلة المهتمة بنفسها ومصلحتها والمتفاعلة في سياقات محددة والقوى المجهولة غير المقيدة والمتأثرة اجتماعيًا]: ما هو علم الاقتصاد وما الذي يجب أن يكون عليه'[1] . وأضافت أن قرار منح الجائزة سيحظى بترحيب واسع في أوساط الاقتصاديين.

”هؤلاء الفائزون هم من دفع 'بالمنعطف التطبيقي' في الاقتصاد إلى الأمام بأبحاثهم في طرق اكتشاف العلاقات السببية.“

فهم السبب والنتيجة «العلة والمعلول» في العلوم الاجتماعية تعثر لأن التجارب المنضبطة - كالتجارب المنضبطة المعشاة [2]  - قد لا تكون دائمًا ممكنة لا عمليًا ولا أخلاقيًا. لكن الاقتصاد شهد ”ثورة في المصداقية“، كما تقول ليزا كوك Lisa Cook، برفسورة الاقتصاد الكلي macroeconomist «انطر [3] » بجامعة ولاية ميتشيغان في مدينة إيست لانسينغ، ”وكان عمل هؤلاء الثلاثة محوريًا في هذه الثورة“.

قال كارد لمجلة Nature إن الجائزة جاءت على أنها ”مفاجأة غير متوقعة“. ”اعتقدت أن هناك العديد من البدائل الجديرة بالجائرة جدًا.“ يعتقد كارد أن التأثير الرئيس للأبحاث التي قام عليها الثلاثة هو ”حث الناس على بذل الكثير من الوقت والجهد في تطوير براهين تجريبية ذات مصداقية وجودة عالية، وفي“ انتقاد ”الأدلة الضعيفة“.

”قبل هؤلاء الثلاثة وقبل [عالم الاقتصاد الراحل في جامعة برينستون] آلان كروغر Alan Kruege“، كان الاقتصاديون ”راضين ليقولوا إن التلازم لا يعني السببية، وبعد ذلك يرمون بهذا المبدأ في سلة المهملات ويحكمون بوجود سببية [بين شيئين أو أكثر] بدون أي دليل على ذلك“.

بجعل استنتاجات البحوث الاقتصادية أكثر رصانة، ساعد الفائزون الثلاثة في توظيف الملاحظات كأساس لتطوير قرارات سياسية / تشريعية موثوقة. ”أنت لا تريد استخدام مجموعة من التلازمات / التساوقات correlations [بين الأشياء] لإثراء السياسة بالمعلومات“ كما تقول كوك. ”تريد أن تكون متأكدًا قدر الإمكان من وجود علاقة سببية بين أي سياسة تريد وضعها والنتيجة التي تهتم بها.“

لكنها تؤكد، مع ذلك، أن مقاربة استخدام التجارب الطبيعية ليست الدواء الناجع. وتقول: ”في بعض الأحيان، ليس لدينا ما يكفي من الحقائق لوضعها وملاءمتها معًا“ لاستنباط سببية موثوق بها.

حل أخلاقي

في العلوم الطبيعية والطب، قد يسعى الباحثون إلى إثبات علاقات سببية بإجراء تجارب، مثل التجارب المنضبطة المعشاة، حيث يُغير أحد المتغيرات بينما يُحتفظ بالمتغيرات الأخرى ثابتة كما هي.

الأدوية، على سبيل المثال، تُختبر باستخدام تجارب منضبطة معشاة، حيث تُختار مجموعة من مجموعتين بشكل عشوائي لتناول الدواء ومجموعة أخرى لتناول العلاج الوهمي. يمكن استخدام التجارب المنضبطة المعشاة في بعض الأحيان في الاقتصاد أيضًا - فقد كانت هذه التجارب مركزية في الدراسات التي شهدت منح جائزة 2019 لإستر دوفلو Esther Duflo وأبهيجيت بانيرجي Abhijit Banerjee، وكلاهما من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومايكل كريمر Michael Kremer، وهو الآن في جامعة شيكاغو في إلينوي. لكن غالبًا ما تكون هذه المقاربة مستحيلة أو حتى غير أخلاقية - على سبيل المثال، لن يكون من المناسب أن تُفرض أجور غير متساوية / متكافئة على مجموعة من الناس لتقييم العلاقة بين الدخل والإنتاجية. كان الفائزون الثلاثة جميعًا مهمين في تطوير استراتيجية بديلة.

في عام 1991، نظر أنغريست Angrist، بالعمل مع كروغر، في مسألة ما إذا كان الذين يتمتعون بتحصيل تعليمي أكثر لديهم احتمال اكثر لكسب مال أكثر خلال حياتهم العملية[4] . وأشاروا إلى أنه لا يمكن افتراض أن التحصيل التعليمي الأرفع يؤدي سببيًا إلى زيادة الدخل. وذلك لأن الذين يختارون الدراسة لفترات أطول قد يكون لديهم بدلاً من ذلك دوافع أو صفات مصاحبة تعزز مداخيلهم أيضًا. لتحديد ما إذا كان التحصيل التعليمي يؤدي إلى زيادة الدخل، نظر الباحثان في التجربة الطبيعية التي يوفرها التعليم الإلزامي. في الولايات المتحدة، الذين ولدوا في تواريخ مختلفة في نفس العام سيكونون في نفس الصف الدراسي في المدرسة. يتيح ذلك مجموعة دراسة طبيعية من المشاركين لقياس العلاقة بين المدة التي يقضيها شخص ما في المدرسة ومدخوله.

في الوقت نفسه، نظر كل من كروغر وكارد في ما يحدث لمستويات التوظيف عند طرح الحد الأدنى للأجور أو تغييره. في أوائل التسعينيات، استخدموا التجربة الطبيعية المقدمة بمقارنة مستويات التوظيف في ولايتين أمريكيتين متجاورتين، نيوجيرسي وبنسلفانيا، اللتين لديهما حد أدنى مختلف للأجور، ولكن يمكن اعتبارهما قابلتين للمقارنة[5] . نظر كارد أيضًا في آثار الهجرة في الأجور - وهي قضية لها صلة بالجدل الدائر اليوم في الولايات المتحدة وأوروبا.

في عام 1994، طور كل من أنغريست وإمبينز Imbens صيغة رياضية لاستخلاص معلومات موثوقة عن السببية من التجارب الطبيعية، حتى لو كان ”تصميمهما“ محدودًا ومنقوصًا بسبب ظروف غير معروفة كامتثال غير كامل للمشاركين[6] . مقاربتهما بينت أي الاستنتاجات السببية يمكن دعمها في حالة معينة أو لا يمكن دعمها.

وبالتالي، هناك روابط وثيقة بين أبحاث الفائزين الثلاثة، كما يقول كارد. "الكثير من الابحاث التي قمت بها وقام بها أنغريست وكروغر في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي كان مدفوعًا بمجموعة واسعة من المخاوف حول مصداقية الأساليب القياسية لدراسة قضايا كالحد الأدنى للأجور، والعودة إلى التعليم «المدرسة / الكلية»، وتكاليف الخدمة العسكرية وآثار الهجرة.

يعتقد كارد، كما يعتقد كثيرون آخرون، أنه لو بقي كروغر - الذي ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما - على قيد الحياة في عام 2019، لكان قد شارك في الفوز بالجائزة أيضًا.

ڤيديو اعلان الجائزة:

 

مصادر من داخل وخارج النص

[1] - https://press.princeton.edu/books/hardcover/9780691210599/cogs-and-monsters

[2] - https://ar.wikipedia.org/wiki/تجربة_منضبطة_معشاة

[3] - ”الاقتصاد الكلي «Macroeconomics» «مصطلح تم التعرف عليه في سنة 1933م من قبل الاقتصادي النرويجي ركنر فرش، وهو مجموعة حلول نظرية تتعامل مع الاقتصاد كتلةً واحدةً، وتلامس النظرية مواضيع عدّة منها الناتج المحلي الإجمالي «GDP» ومعدلات البطالة والأرقام القياسية للأسعار وذلك بهدف فهم الاقتصاد المحلي والعالمي والعمل على تطوريهما. الأدوات التي يستخدمها الإقتصاديون في هذا المجال تتمثل في الدخل القومي للدولة والناتج المحلي، والاستهلاك المحلي، ومعدلات البطالة، والإدخار، والاستثمار، والتضخم.“

مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/اقتصاد_كلي

[4] - https://academic.oup.com/qje/article-abstract/106/4/979/1873496?redirectedFrom=fulltext

[5] - https://scholar.google.com/scholar_lookup?title=&journal=Am. %20Econ. %20Rev. &volume=84&pages=772-793&publication_year=1994&author=Card%2CD. &author=Krueger%2CA. %20B.

[6] - https://www.jstor.org/stable/2951620?origin=crossref

المصدر الرئيس

https://www.nature.com/articles/d41586-021-02799-7