آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

خسائر يحدثها الشخص الانتهازي حيثما تواجد

المهندس أمير الصالح *

في تجربة من تجارب أحد مواقع العمل، عملت تحت إدارة مدير انتهازي فاشل يتستر بعدة أغلفة ويتلون بعدة الوان بما فيها الدين لبلوغ مرامه وإشباع أنانيته. عُرف عن ذاك المدير الانتهازي عدة خصال غير طيبة وتنم معظمها عن الخسة والنذالة والدناءة. ومنها خصلة سرقة اقتراحات الموظفين المقدمة لتحسين بيئة العمل ورفع كفاءة التشغيل للمعدات واختزال جدول إنجاز المشاريع والصيانة.

واعتاد ذلك المدير تجيير كل تلكم الاقتراحات والنتائج الفعالة باسمه والبروز أمام رؤسائه على أنها من لبنات أفكاره. وكان المدير يتكتم على مصير المقترحات ونتائج التجارب عندما يتابع معه أحد موظفيه عن مقترحه. وعند وقوف أحد الموظفين على ما آلت مقترحاته وأعماله الإنجازية من خطف وسرقة. يكتم المدير مطالب من يحاول فضحه من الموظفين بعناوين مختلفة، ومنها عنوان حُرمة الغيبة تارة وتارة يتلحف بلحاف لحم المسلم حرام على أخيه المسلم، وتارة بدعوى أن التجريح في المسلم فسوق وتارة أن من لا يحترم الهرم الإداري في التواصل فإنه يعرض نفسه للمساءلة و…. و…. الخ!.

وقد نجح المدير الانتهازي في إخماد صوت العاملين الكادحين والمبدعين والإفلات من انتقاد سلوكياته الشنيعة في سرقة كل حسناتهم في الأداء والاقتراحات والإنجازات. وهو حصد مقابل تلكم السرقات العلمية للموظفين، الثناء والمديح والنياشين والترقيات والتبريكات وشهادات التكريم والتقاط الصور له والإطراء من قبل مدراءه وبنى صروح لمجده المهني.

وعلم موظفو إدارته بعد فترة من الزمن بذلك عند رؤيتهم في نشرات الشركة الداخلية عن التكريمات التي حصدها مديرهم النصاب. ومع زيادة منسوب التحدث بين ضحايا المدير القدماء والضحايا الجدد وتذمر بعضهم من خلال الاستقالات الجماعية بين الحين والحين. ويوم بعد يوم تنكشف ألاعيب ذلك المدير وأساليبه الملتوية أمام معظم الموظفين الذين أضحوا ضحايا لاستغلاله ومكره وخبثه. ومع كل مرة توشك أن تنفضح سريرة المدير علانية أمام كل موظفي دائرته الجديدة، يكون الأمر متأخرًا في إقامة دعوة جماعية عامة ضده، لكونه أما أنه ترقى أو تم نقله إلى مكان آخر أو تم انتدابه أو كان الأغلب من الموظفين في حالات تلبك وتردد في إبراز أصواتهم في وجهه.

مع وقوع الجائحة، أضحت نياشين المدير السالف الذكر على المحك وتتكشفت الأمور للإدارة العليا في الشركة عن ضحالة ذلك المدير العلمية والمهنية والإدارية. فكان مصيره بعد أن بنى مجده المهني المزعوم على جماجم المقهورين والمخلصين، أن نقل خدماته لشركة أخرى بوظيفة أعلى راتب أكبر بناء على سجل شهادات تكريم وادعاءات إنجازات منهوب ومُجير.

وهذا المثال للمدير الانتهازي له مصاديق كثيرة ونرى له نظائر في عدة قطاعات ومؤسسات وأندية ومنظمات وهيئات ومراكز أحياء ولجان أهلية كما في تلكم الشركة. وحيثما توجد نيات استحواذ سيئة وبطانة سوء في الأندية ودور العبادة ومراكز. أهلية و…الخ، ستجد النصابين وسارقي الجهود والمتملقين ومزدوجي المعايير والانتهازيين. وإن كان يُفترض أن توجد جهات رقابية فعالة داخل كل جمعية ومركز وهيئة كما أثبتت بعض مؤسسات مكافحة الفساد في دول معدودة، إلا أن حذاقة الأفراد لا مناص منها في اكتشاف هكذا نماذج بشرية.

وأنبه مجالس الإدارة في كل شركة ودور عبادة وجمعية خيرية ومراكز أحياء، ولجان أهلية إلى ضرورة أن يُفعلوا إجراءات تنقية الأجواء من الانتهازيين لأن الانتهازيون يقتلون روح العطاء والنمو والتفاعل ويفسدون المعنويات. وختاما قال الله في محكم كتابه الكريم: ﴿أن الله لا يحب كل خوان كفور. والواقع أن الانتهازي أقرب إلى ضراوة الخائن.

وحيثما توجد في أي نشاط اجتماعي أو رياضي أو علمي أو ديني أو عبادي، فلا بد من التضامن وتفعيل قنوات التواصل مع الآخرين، ودقق فيمن حولك جيدا لتشخيص أولئك الانتهازيون وسراق جهود الآخرين سواء في مكان العمل أو النادي أو الجمعية أو اللجان الأهلية أو دور العبادة قبل أن يستبدوا ويتمكنوا. وليكن كل منا صادقا في سعيه للحفاظ مع الآخرين على كيان المؤسسة أو إدارة المركز العبادي أو الجمعية لإفشال خطط الانتهازيون قبل أن يستبدوا ويقتلوا روح المعروف داخل أنفس أبناء المجتمع، فإنهم إن ظفروا أضاقوا الخناق على الناس وعلى من حولهم ومحوا ذكر الخير في المجتمع وبثوا سمومهم من أجل بلوغ مرامهم.